(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢١) مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)(٢٢)
العاهة فهاج واصفرّ وصار حطاما عقوبة لهم على جحودهم ، كما فعل بأصحاب الجنة (١) ، وقيل الكفار الزّرّاع (وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ) للكفار (وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ) للمؤمنين ، يعني أنّ الدنيا وما فيها ليست إلا محقّرات من (٢) الأمور وهي اللعب واللهو والزينة والتفاخر والتكاثر ، وأما الآخرة فما هي إلا أمور عظام ، وهي العذاب الشديد والمغفرة والرضوان من الله الحميد ، والكاف في كمثل غيث في محل رفع على أنه خبر بعد خبر ، أي الحياة الدنيا مثل غيث (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) لمن ركن إليها واعتمد عليها ، قال ذو النون : يا معشر المريدين لا تطلبوا الدنيا ، وإن طلبتموها فلا تحبوها ، فإن الزاد منها والمقيل في غيرها.
ولما حقّر الدنيا وصغّر أمرها وعظّم أمر الآخرة ، بعث عباده على المسارعة إلى نيل ما وعد من ذلك ، وهي المغفرة المنجية من العذاب الشديد والفوز بدخول الجنة بقوله :
٢١ ـ (سابِقُوا) أي بالأعمال الصالحة (إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وقيل سارعوا مسارعة السابقين لأقرانهم في المضمار (وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) قال السّدّيّ : كعرض سبع السماوات وسبع الأرضين ، وذكر العرض دون الطول لأنّ كلّ ما له عرض وطول فإن عرضه أقلّ من طوله ، فإذا وصف عرضه بالبسطة عرف أنّ طوله أبسط ، أو أريد بالعرض البسطة ، وهذا ينفي قول من يقول إنّ الجنة في السماء الرابعة لأن التي في إحدى السماوات لا تكون في عرض السماوات والأرض (أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) وهذا دليل على أنها مخلوقة (ذلِكَ) الموعود من المغفرة والجنة (فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ) وهم المؤمنون ، وفيه دليل على أنه لا يدخل أحد الجنة إلا بفضل الله (وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) ثم بيّن أنّ كلّ كائن بقضاء الله وقدره بقوله :
٢٢ ـ (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ) من الجدب وآفات الزروع والثمار ، وقوله في الأرض في موضع الجر ، أي ما أصاب من مصيبة ثابتة في الأرض (وَلا فِي
__________________
(١) زاد في (ظ) و (ز) وصاحب الجنتين.
(٢) في (ز) إلا من محقرات.