(قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٦) وَلَا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (٩)
كتب العلم ، فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبيه وظهره من الكدّ والتعب ، وكلّ من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) أي بئس مثلا مثل القوم الذين كذّبوا بآيات الله ، أو بئس مثل القوم المكذبين مثلهم ، وهم اليهود الذين كذّبوا بآيات الله الدالة على صحة نبوة محمد صلىاللهعليهوسلم (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي وقت اختيارهم الظلم ، أو لا يهدي من سبق في علمه أنه يكون ظالما.
٦ ـ (قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا) هاد يهود إذا تهوّد (إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) كانوا يقولون : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) (١) أي إن كان قولكم حقا وكنتم على ثقة فتمنوا على الله أن يميتكم وينقلكم سريعا إلى دار كرامته التي أعدّها لأوليائه ، ثم قال :
٧ ـ (وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) أي بسبب ما قدّموا من الكفر ، ولا فرق بين لا ولن في أنّ كلّ واحدة منهما نفي للمستقبل إلا أنّ في لن تأكيدا وتشديدا ليس في لا ، فأتى مرة بلفظ التأكيد ولن يتمنوه ومرة بغير لفظه ولا يتمنونه (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) وعيد لهم.
٨ ـ (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) ولا تجسرون أن تتمنوه خيفة أن تؤخذوا بوبال كفركم (فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) لا محالة ، والجملة خبر إنّ ، ودخلت الفاء لتضمّن الذي معنى الشرط (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فيجازيكم بما أنتم أهله من العقاب.
٩ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) النداء الأذان ، ومن بيان لإذا وتفسير له ، ويوم الجمعة سيد الأيام وفي الحديث : (من مات يوم الجمعة كتب الله له أجر شهيد ووقي فتنة القبر) (٢) (فَاسْعَوْا) فامضوا ، وقرىء بها ، وقال
__________________
(١) المائدة ، ٥ / ١٨.
(٢) كنز العمال ، ٧ / ٢١٠٨٣ ، ٢١٠٨٤.