قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٢) وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ (٣) إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ) (٤)
(مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) تفسير لتحرّم ، أو حال ، أو استئناف ، وكان هذا زلّة منه ، لأنه ليس لأحد أن يحرّم ما أحلّ الله (وَاللهُ غَفُورٌ) قد غفر لك ما زللت فيه (رَحِيمٌ) قد رحمك فلم يؤاخذك به.
٢ ـ (قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ) من قدّر الله لكم ما تحللون به أيمانكم وهي الكفارة ، أو قد شرع لكم تحليلها بالكفارة ، أو شرع الله لكم الاستثناء في أيمانكم من قولك حلّل فلان في يمينه إذا استثنى فيها ، وذلك أن يقول إن شاء الله عقيبها حتى لا يحنث ، وتحريم الحلال يمين عندنا ، وعن مقاتل أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أعتق رقبة في تحريم مارية. وعن الحسن أنه لم يكفّر لأنه كان مغفورا له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر وإنما هو تعليم للمؤمنين (وَاللهُ مَوْلاكُمْ) سيدكم ومتولي أموركم ، وقيل مولاكم أولى بكم من أنفسكم ، فكانت نصيحته أنفع لكم من نصائحكم لأنفسكم (١) (وَهُوَ الْعَلِيمُ) بما يصلحكم فيشرعه لكم (الْحَكِيمُ) فيما أحلّ وحرّم.
٣ ـ (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ) يعني حفصة (حَدِيثاً) حديث مارية وإمامة الشيخين (فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ) أفشته إلى عائشة رضي الله عنها (وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ) وأطلع النبي صلىاللهعليهوسلم على إفشائها الحديث على لسان جبريل عليهالسلام (عَرَّفَ بَعْضَهُ) أعلم ببعض الحديث (وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) فلم يخبر به تكرما. قال سفيان : ما زال التغافل من فعل الكرام ، عرف بالتخفيف عليّ أي جازى عليه من قولك للمسيء لأعرفنّ لك ذلك ، وقيل المعروف حديث الإمامة والمعرض عنه حديث مارية ، وروي أنه قال لها : (ألم أقل لك اكتمي عليّ؟) قالت : والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي فرحا بالكرامة التي خصّ الله بها أباها (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ) نبأ النبي حفصة بما أفشت من السرّ إلى عائشة (قالَتْ) حفصة للنبي صلىاللهعليهوسلم (مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ) بالسرائر (الْخَبِيرُ) بالضمائر.
٤ ـ (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ) خطاب لحفصة وعائشة على طريقة الالتفات ليكون أبلغ
__________________
(١) في (ظ) و (ز) أنفسكم.