(إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ (٢٣) قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) (٢٤)
ينبغي إظهارها عليه ، فقال عمر : لسماعي هذا الكلام أحبّ إليّ مما طلعت عليه الشمس.
والذي يدلّ عليه المثل الذي ضربه الله بقصته عليهالسلام ليس إلا طلبه إلى زوج المرأة أن ينزل له عنها فحسب ، وإنما جاءت على طريق التمثيل والتعريض دون التصريح لكونها أبلغ في التوبيخ من قبل أنّ التأمل إذا أدّاه إلى الشعور بالمعرّض به كان أوقع في نفسه وأشدّ تمكنا من قلبه وأعظم أثرا فيه مع مراعاة حسن الأدب بترك المجاهرة.
٢٣ ـ (إِنَّ هذا أَخِي) هو بدل من هذا ، أو خبر لإنّ ، والمراد أخوّة الدين ، أو أخوة الصداقة والألفة ، أو أخوة الشركة والخلطة لقوله وإنّ كثيرا من الخلطاء (لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ) ولي حفص ، والنعجة كناية عن المرأة ، ولما كان هذا تصويرا للمسألة وفرضا لها لا يمتنع أن يفرض الملائكة في أنفسهم ، كما تقول لي أربعون شاة ولك أربعون فخلطناها ، وما لكما من الأربعين أربعة ولا ربعها (فَقالَ أَكْفِلْنِيها) ملّكنيها ، وحقيقته اجعلني أكفلها كما أكفل ما تحت يدي ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : اجعلها كفلي أي نصيبي (وَعَزَّنِي) وغلبني ، يقال عزّه يعزّه (فِي الْخِطابِ) في الخصومة ، أي أنه كان أقدر على الاحتجاج مني ، وأراد بالخطاب مخاطبة المحاجّ المجادل ، أو أراد خطبت المرأة وخطبها هو ، فخاطبني خطابا أي غالبني في الخطبة ، فغلبني حيث زوّجها دوني ، ووجه التمثيل أن مثّلت قصة أوريا مع داود بقصة رجل له نعجة واحدة ولخليطه تسع وتسعون ، فأراد صاحبه تتمة المائة فطمع في نعجة خليطه ، وأراده على الخروج من ملكها إليه ، وحاجّه في ذلك محاجة حريص على بلوغ مراده ، وإنما كان ذلك على وجه التحاكم إليه ليحكم بما حكم به من قوله :
٢٤ ـ (قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ) حتى يكون محجوجا بحكمه ، وهذا جواب قسم محذوف ، وفي ذلك استنكار لفعل خليطه ، والسؤال مصدر مضاف إلى المفعول ، وقد ضمّن معنى الإضافة فعدّي تعديتها ، كأنه قيل بإضافة نعجتك إلى نعاجه على وجه السؤال والطلب ، وإنما ظلّم الآخر بعد ما اعترف به خصمه ، ولكنه