(فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥) يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ) (٢٦)
لم يحك في القرآن لأنه معلوم.
ويروى أنه قال : أنا أريد أن آخذها منه وأكمل نعاجي مائة ، فقال داود : إن رمت ذلك ضربنا منك هذا وهذا ، وأشار إلى طرف الأنف والجبهة ، فقال : يا داود أنت أحقّ أن يضرب منك هذا وهذا ، وأنت فعلت كيت وكيت ، ثم نظر داود فلم ير أحدا فعرف ما وقع فيه (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ) الشركاء والأصحاب (لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) المستثنى منصوب ، وهو من الجنس ، والمستثنى منه بعضهم (وَقَلِيلٌ ما هُمْ) ما للإبهام ، وهم مبتدأ ، وقليل خبره (وَظَنَّ داوُدُ) أي علم وأيقن ، وإنما استعير له لأنّ الظنّ الغالب يداني العلم (أَنَّما فَتَنَّاهُ) ابتليناه (فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ) لزلته (وَخَرَّ راكِعاً) أي سقط على وجهه ساجدا لله ، وفيه دليل على أنّ الركوع يقوم مقام السجود في الصلاة إذا نوي ، لأنّ المراد مجرد ما يصلح تواضعا عند هذه التلاوة ، والركوع في الصلاة يعمل هذا العمل بخلاف الركوع في غير الصلاة (وَأَنابَ) ورجع إلى الله بالتوبة.
وقيل إنه بقي ساجدا أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا لصلاة مكتوبة ، أو ما لا بدّ منه ، ولا يرقأ دمعه حتى نبت العشب من دمعه ، ولم يشرب ماء إلا وثلثاه دمع.
٢٥ ـ (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) أي زلته (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) لقربة (وَحُسْنَ مَآبٍ) مرجع ، وهو الجنة.
٢٦ ـ (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ) أي استخلفناك على الملك في الأرض ، أو جعلناك خليفة ممن كان قبلك من الأنبياء القائمين بالحقّ ، وفيه دليل على أنّ حاله بعد التوبة بقيت على ما كانت عليه لم تتغير (فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) أي بحكم الله إذ كنت خليفة (١) ، أو بالعدل (وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى) أي هوى النفس في قضائك (فَيُضِلَّكَ) الهوى (عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) دينه (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ) أي بنسيانهم يوم الحساب.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) خليفته.