المسائل العشر
١
هل طلب الإشفاء من غيره سبحانه شرك؟
لا شك في أنّ هذا الكون عالم منظّم ، فجميع الظواهر الكونية فيه تنبع من الأسباب والعلل التي ـ هي بدورها ـ مخلوقة لله تعالى ، ومعلولة له سبحانه.
وحيث إنّ هذه العلل والأسباب لا تملك من لدن نفسها أيّ كمال ذاتي ، بل وجدت بمشيئة الله ، وصارت ذات أثر بإرادته سبحانه لذلك صحّ أنّ ينسب الله آثارها وأفعالها إلى نفسه ، كما يصح أن تنسب إلى عللها.
هذا ما أوضحناه في ما سبق أتمّ إيضاح ، وبذلك يظهر أنّ الشفاء تارة ينسب إلى الله سبحانه وأُخرى إلى علله القريبة المؤثرة بإذنه وبذلك يرتفع التعارض الابتدائي بين الآيات فبينما يخصّ القرآن الإشفاء بالله سبحانه ويقول :
(وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) (الشعراء ـ ٨٠)
وبينما ينسب الشفاء إلى غيره كالقرآن والعسل ، والجواب أنّه ليس هنا في الحقيقة إلّا فعل واحد وهو الإشفاء ينسب تارة إلى الله على وجه التسبيب وإلى غيره من الأسباب العادية كالعسل والأدوية وغيرها على وجه المباشرة.
فهو الذي وهب أنبياءه وأولياءه : القدرة على الإشفاء والمعافاة ، والإبراء. وهو الذي اذن لهم بأن يستخدموا هذه القدرة الموهوبة ضمن شروط خاصة.