إليها بأوضح تصريح فلو أراد أحد أن يقوم بهذه الفريضة الدينية بعد أربعة عشر قرناً فكيف يمكنه ، وما هو الطريق إلى ذلك؟ هل هو إلّا أن يفرح في أفراحهم ، ويحزن في أحزانهم؟
فاذا أقام أحد ـ لإظهار مسرّته ـ مجلساً يذكر فيه حياتهم ، وتضحياتهم أو يبيّن مصائبهم فهل فعل إلّا إظهار المودة ، المندوبة إليها في القرآن الكريم ..؟!
وإذا زار أحد ـ لإظهار مودة أكثر ـ مقابر أقرباء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأقام مثل هذه المجالس عند تلكم القبور فإنّه لم يفعل ـ في نظر العقلاء ـ إلّا إظهار المودة.
ب ـ إقامة الذكرى ترفيع لذكر النبي.
إنّ القرآن الكريم يصرّح بأنّ الله سبحانه مَنَّ على رسوله بشرح صدره ووضع الوزر عنه وإعلاء اسمه الذي عبّر عن كل ذلك بقوله :
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ..) (الانشراح : ١ ـ ٤).
فالله سبحانه رفع اسمه وأعلاه وجعله مشهوراً معروفاً في العالم إجلالاً له.
فهذه الاحتفالات التي يقصد منها تخليد ذكرى النبي لا تتعدى رفع ذِكر رسول الله وإعلاء اسمه ، وإلفات نظر العالم إلى مقامه ومكانته السامية ، فإذا كان القرآن أُسوة ، فلما ذا لا نقتدي بالقرآن ولما ذا لا نرفع ذكره ، واسمه؟
ج ـ نزول المائدة السماوية واتّخاذه عيداً.
إن المسيح ـ عليه السلام ـ سأل ربه سبحانه بأن ينزل عليه مائدة إذ قال سبحانه حاكياً :
(قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (المائدة ـ ١١٤).