٨ ـ تميز المعنى الحقيقي عن المجازيّ :
نعم ربما تستعمل لفظة العبادة وما يشتق منها في موارد في العرف واللغة ولكن استعمال لفظ في معنى ليس دليلاً على كونه مصداقاً حقيقيّاً لمعنى اللفظ ، بل قد يكون من باب تشبيه المورد بالمعنى الحقيقي لوجود مناسبة بينهما وإليك هذه الموارد :
١ ـ العاشق الولهان الذي يظهر غاية الخضوع أمام معشوقته ، ويفقد تجاه طلباتها عنان الصبر ومع ذلك لا يسمّى مثل هذا الخضوع «عبادة» وإن قيل في حقه مجازاً إنّه (يعبد المرأة).
٢ ـ الأشخاص الذين يأسرهم الهوى فيفلت من أيديهم ـ تحت نداءات النفس الأمّارة ـ زمام الاختيار لا يمكن اعتبارهم عبدة واقعيين للهوى ، ولا عدّهم مشركين ، كمن يعبد الوثن ولو قيل في شأنه إنّه (يعبد هواه) فإن ذلك نوع من التشبيه وضرب من التجوز.
فها هو القرآن يسمّي الهوى إلهاً ويلازم ذلك كون الخضوع للهوى : عبادة له لكن مجازاً إذ يقول :
(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) (الفرقان ـ ٤٣)
فكما أنّ إطلاق اسم الإله على الهوى نوع من التجوّز فكذا إطلاق العبادة على متابعة الهوى هو أيضاً ضرب من المجاز.
٣ ـ هناك فريق من الناس يضحّون بكل شيء في سبيل الحصول على جاه ومنصب حتى ليقول الناس في حقّهم إنّهم يعبدون الجاه والمنصب ، ولكنّهم في نفس الوقت لا يُعدّون عبدة حقيقيين للجاه ، ولا يصيرون بذلك مشركين.