٤ ـ إنّ المتوغلين في العنصرية ـ كبني إسرائيل ـ وفي الأنانية ، الذين لا يهمّهم إلّا المأكل والمشرب رغم أنّهم يطلق عليهم بأنّهم عباد العنصر والنفس والشيطان ، ولكن الوجدان يقضي بأنّ عملهم لا يكون عبادة ... وانّ إتباع الشيطان شيء وعبادته شيء آخر.
وإذا ما رأينا القرآن يسمّي طاعة الشيطان «عبادة» فذلك ضرب من التشبيه ، والهدف منه هو بيان قوة النفرة وشدة الاستنكار لهذا العمل ، إذ يقول :
(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ* وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (يس : ٦٠ ـ ٦١).
ومثل هذه الآية ، الآيتان التاليتان :
١ ـ (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا) (مريم ـ ٤٤).
٢ ـ (أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا وَقَوْمُهُما لَنا عابِدُونَ) (المؤمنون ـ ٤٧)
لا شك في أنّ بني اسرائيل ما كانوا يعبدون فرعون وملأه غير أنّ استذلالهم لما بلغ إلى حد شديد صح أن يطلق عليه عنوان العبادة على نحو المجاز.
والقرآن وإن أطلق على هذه الموارد عنوان العبادة لكن لا بمعنى أنّه جعلهم في عداد المشركين. فلا يمكن التصديق بأنّ كل خضوع وطاعة وكل تكريم واحترام «عبادة» وعند ذاك يستكشف أنّ استعمالها في هاتيك الموارد بعناية خاصة ، وعلاقة مجازية.
وبعبارة أُخرى أنّ عُبّاد الهوى والنفس والجاه و... وإن كانوا يعتبرون مذنبين ، تنتظرهم أشد العقوبات إلّا أنّه لا يكونون في عداد المشركين في العبادة الذين لهم أحكام خاصة في الفقه الإسلامي.