فهو طلب شيء من شخص مع الاعتراف بعبوديته المحضة ومأموريَّته الخاصة.
وأمّا أنّه طلب مفيد أم لا ، أو أنّه محلل أو محرم من جهة أُخرى غير جهة الشرك والتوحيد فهو أمر خارج عن إطار هذا البحث الذي يتركز ـ كما أسلفنا ـ على بيان التوحيد والشرك في العبادة.
٣) : التعظيم أمام أولياء الله وقبورهم وتخليد ذكرياتهم :
فهل هذا العمل يوافق ملاك التوحيد أو يوافق ملاك الشرك؟
الجواب هو أنّ هذا العمل قد يكون توحيداً من وجه ، وقد يكون شركاً من وجه آخر.
فإن كان التعظيم والتكريم ـ بأيّ صورة كان ـ قد صدر عن الأشخاص تجاه أُولئك الأولياء بما أنّ هؤلاء الأولياء عباد أبرار وقفوا حياتهم على الدعوة إلى الله ، وضحّوا بأنفسهم وأهليهم وأموالهم في سبيل الله ، وبذلوا في هداية البشرية كل غال ورخيص ، فأنّ مثل هذا التعظيم يوافق مواصفات التوحيد ، لأنّه تكريم عبد من عباد الله لما أسداه من خدمة في سبيل الله ، مع الاعتراف بأنّه عبد لا يملك شيئاً إلّا ما ملكه الله ، ولا يقدر على عمل إلّا بما أقدره اللهُ عليه.
إنّ مثل هذا التعظيم يوافق أصل التوحيد بمراتبه المختلفة دون أي شك.
وأمّا إذا وقع التعظيم والتكريم للولي معتقداً بأنّه ـ حيّاً كان أو ميتاً ـ مالك لواقعية الألوهية أو درجة منها ، أو أنّه واجد لمعنى الربوبية أو مرتبة منها ، فانّه ـ ولا شك ـ شرك وخروج عن جادة التوحيد.
وأمّا أنّه مفيد أو لا ، أو أنّه حلال أو حرام من جهة أُخرى غير جهة الشرك والتوحيد فخارج عن نطاق هذا البحث المهتم ببيان ما هو شرك وما هو ليس بشرك.