هل الإله بمعنى المعبود؟
نعم يظهر من كثير من المفسّرين بأنّ إله بمعنى عبد ، ويستشهدون بقراءة شاذة في قوله سبحانه :
(لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) (الأعراف ـ ١٢٧).
حيث قرئ والاهتك ، أي عبادتك.
ولعل منشأ هذا التصوّر هو كون الإله الحقيقي ، أو الآلهة المصطنعة موضعاً للعبادة ـ دائماً ـ لدى جميع الأُمم والشعوب ، ولأجل ذلك فسّرت لفظة «الإله» بالمعبود ، وإلّا فإنّ المعبودية هي لازم الإله وليست معناه البدئي.
والذي يدل ـ بوضوح ـ على أنّ الإله ليس بمعنى المعبود هو : كلمة الإخلاص : «لا إله إلّا الله» إذ لو كان المقصود من الإله «المعبود» لكانت هذه الجملة كذباً صريحاً ، لأنّ من البديهي وجود آلاف المعبودات في هذه الدنيا ، غير الله ، ومع ذلك فكيف يمكن نفي أي معبود سوى الله؟
ولأجل ذلك اضطر القائل بأنّ الإله بمعنى المعبود أن يقدّر كلمة «بحق» بعد إله لتكون الجملة هكذا : «لا إله [بحق] إلّا الله» ليتخلّص من هذا الإشكال ، ولكن لا يخفى أنّ تقدير كلمة «بحق» هنا خلاف الظاهر ، وانّ هدف كلمة الإخلاص هو نفي أي إله في الكون سوى الله ، وانّه ليس لهذا المفهوم (أي الإله) مصداق بتاتاً سواه سبحانه ، وهذا لا يجتمع مع القول بأنّ «الإله» بمعنى «المعبود» ، لوجود المعبودات الأُخرى في العالم وإن كانت مصطنعة.
وأمّا جمعه على الآلهة فليس على أساس انّه بمعنى المعبود ، بل لأجل اعتقاد العرب بأنّ هاهنا آلهة غير الله سبحانه ، قال تعالى :
(أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا) (الأنبياء ـ ٤٣).