وإن شئت ان تفرغ ما نفهمه من لفظ الإله في قالب التعريف فارجع إلى الأُمور التي تعد عند الناس من شئون الربوبية ولوازمها فالقائم بتلك الشئون ـ كلّها أو بعضها ـ هو : الإله ، فالخلق والتدبير والإحياء والإماتة والتقنين والتشريع والمغفرة والشفاعة بالاستقلال كلّها من شئون الربوبية ، فالقائم بهذه الشئون حقيقة أو تصوّراً : إله ، واقعاً أو عند المتصوّر.
وهنا آيات تدل بوضوح على أنّ الإله ليس بمعنى المعبود ، بل بمعنى المتصرّف المدبّر أو من بيده أزمّة الأُمور ، أو ما يقرب من ذلك ممّا يعد فعلاً له تعالى. وإليك بعض هذه الآيات :
١ ـ (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) (الأنبياء ـ ٢٢).
فانّ البرهان على نفي تعدّد الآلهة لا يتم إلّا إذا جعلنا «الإله» في الآية بمعنى المتصرّف المدبّر أو من بيده أزمّة الأُمور أو ما يقرب من هذين. ولو جعلنا الإله بمعنى المعبود لانتقض البرهان ، لبداهة تعدّد المعبودين في هذا العالم ، مع عدم الفساد في النظام الكوني ، وقد كانت الحجاز يوم نزول هذه الآية مزدحمة الآلهة ، ومركزها مع كون العالم منتظماً ، غير فاسد.
وعندئذ يجب على من يجعل «الإله» بمعنى المعبود أن يقيّده بلفظ (بالحق) أي لو كان فيهما معبودات ـ بالحق ـ لفسدتا ولمّا كان المعبود بالحق مدبراً ومتصرّفاً لزم من تعدّده فساد النظام وهذا كلّه تكلّف لا مبرر له.
٢ ـ (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (المؤمنون ـ ٩١).
ويتم هذا البرهان أيضاً لو فسّرنا الإله بما ذكرنا من انّه كلّي ما يطلق عليه لفظ الجلالة. وان شئت قلت : إنّه كناية عن الخالق أو المدبّر المتصرّف ، أو من