لذلك جعله وليّاً للعهد من بعده ، وجلبه من المدينة إلى مرو لأجل ذلك ، وفي الطريق رأى النظام العباسي مدى توجّه الناس واستقبالهم الكبير للإمام ، وخاصة في نيشابور حيث ألقى عليهالسلام حديث سلسلة الذهب في الجماهير الغفيرة عن الرسول صلىاللهعليهوآله قال : « حدّثني جبرائيل قال سمعت ربّ العزة يقول : كلمة لا إله إلا الله حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي ، لكن بشروطها وأنا من شروطها » (١) أي أنّه لا بد من الإيمان بالتوحيد والنبوة والإمامة وولاية أهل البيت عليهمالسلام فهو الحقّ وهو سبيل السعادة في الدنيا والنجاة في الآخرة.
وإنّما قِبل الإمام عليهالسلام ولاية العهد ، كما قبل الإمام الحسن عليهالسلام الصلح ، فإنّه كان مضطراً إليه ، حيث إنه كان مهدّداً بالقتل لو لم يقبل ، بالإضافة إلى أنّه عليهالسلام إنّما قبلها بشروط منها عدم تدخله في شؤون الخلافة وتعيين الأفراد في المناصب أو عزلهم ، حيث كشف للجميع أنّه مجبور على ذلك ، وحتى يسقط القناع عن بعض مخطّطات العباسيين ، لأنّه عليهالسلام كان يعلم بأنّها خطّة يقصد من خلالها التوصّل لبعض الأطماع ، لذلك حاول الإمام عليهالسلام إفشالها من خلال شروطه ، وسلوكه ومواقفه بعد ولاية العهد وقد استخدمها وسيلة لنشر مبادئ أهل البيت عليهمالسلام ، والكشف عن زيف النظام وانحرافاته للمسلمين كما فعل قبله الإمام الحسن عليهالسلام في صلحه مع معاوية.
وقد فزع النظام من توجّه الناس للإمام وخاصّة حين كلّفه المأمون لإقامة صلاة العيد في مرو ، ولمّا خرج أقبل عليه الناس من كلّ جانب ، حتى قال : « الفضل بن سهل للمأمون إن بلغ الرضا المصلّى على هذا السبيل افتتن به الناس وخفنا كلّنا على دمائنا ». فانفذ إليه أن
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٩ : ١٢٧.