ولشدّة خوف الحكّام والخوف من نفوذ وشعبيّة الإمام عليهالسلام كسائر الأئمّة ، فأراد أن يضعه تحت المراقبة المباشرة ، فاستدعاه إلى سامراء عام « ٢٣٤ » من المدينة ، وأسكنه دار الصعاليك مجاوراً لمعسكره ، وأقام فيه إلى آخر عمره تحت مراقبة مشدّدة. ولذلك لم يتهيّأ للإمام عليهالسلام أن يلتقي بشيعته ومحبّيه بحريّة تامّة ، كما كان كذلك بهذه الظروف العصبيّة والده الإمام الجواد وابنه العسكري عليهماالسلام ، ولذلك فإنّ ما وصلنا من علومهم ورواياتهم وأخبارهم الشيء النادر ، نتيجة للفترة الصعبة التي عاشوها. ولكنّهم كانوا يهدون الناس لمدرسة أهل البيت عليهمالسلام من خلال وسائل عديدة كفضائلهم وكراماتهم.
وبالرغم من استعمال الطغاة والأعداء مختلف الأساليب لإخفاء ذكرهم كان المسلمون آنذاك يحملون لهم الاحترام والمحبّة والولاء ، ولهم النفوذ الكبير في أوساط المسلمين.
وقد ظهرت للإمام عليهالسلام كرامات تناقلها الناس في ذلك الوقت ، ممّا زاد في اعتقادهم في خصائص أهل البيت المتفوقة وملكاتهم المنفردة ، كلّ ذلك أثار فزع الحكّام ونقمتهم عليه وعلى الأئمّة من أهل البيت عليهمالسلام ، لذلك يلاحظ أنّ المتوكل أمر أكثر من مرّة بتفتيش بيت الإمام ، إلا أنّهم وجدوا الإمام وعليه مدرعة من صوف جالساً على التراب متوجهاً لله تعالى يتلوا القرآن الكريم ، وقد اُجبر مرّة على الحضور إلى مجلس المتوكل ، الحافل بالخمرة والمجون والسكارى. وقد كان المتوكل متهتّكاً سكّيراً ظالماً مبذراً لأموال المسلمين ، يرتكب أفظع الجرائم والمنكرات.
ولمّا اُحضر الإمام ،
وكان المتوكل جالساً والكأس بيده ، فطلب من الإمام عليهالسلام أن ينشده شعراً ، وبعد إبائه ، أجبره على ذلك ، فأنشده الإمام عليهالسلام تلك الأبيات المعروفة ، التي