إذا اتّضح ذلك فنقول لشبهة المعارضة بأنه في تطبيق دليل الاستصحاب على الحكم الكلي في الشبهة الحكمية لا يعقل تحكيم كلا النظرين لتهافتهما ، فان سلّم بالاخذ بالنظر الثاني تعين اجراء استصحاب المجعول ولم يجر استصحاب عدم الجعل الزائد ، إذ بهذا النظر لا نرى جعلا ومجولا ولا امرا ذهنيا بل صفة لامر خارجي لها حدوث وبقاء ، وإن ادّعي الاخذ بالنظر الاوّل فاستصحاب المجعول بالنحو الثاني الذي يكون من شأن المجتهد اجراؤه لا يجري في نفسه لا انه يسقط بالمعارضة.
إن قيل لما ذا لا نحكّم كلا النظرين ونلتزم باجراء استصحاب عدم الجعل الزائد تحكيما للنظر الاوّل في تطبيق دليل الاستصحاب ، واجراء استصحاب المجعول تحكيما للنظر الثاني ، ويتعارض الاستصحابان.
كان الجواب ان التعارض لا نواجهه ابتداء في مرحلة اجراء الاستصحاب بعد الفراغ عن تحكيم كلا النظرين ، وانما نواجهه (١) في
__________________
(١) يظهر في بادئ النظر ان ضمير الهاء راجع إلى التعارض ، لكن هذا غير صحيح لانه لن يستقيم المعنى المراد للمؤلف ، فانه يريد ان يقول : ... وانما نواجه في المرتبة الاولى ـ اي قبل مرحلة التعارض ـ
__________________
[وبتعبير آخر] لا يوجد عندنا في القوانين الكلية نظران إن هو إلّا نظر واحد وهو ما ذكره قبل قليل بقوله ((وامّا المجعول الكلي فليس له حدوث وبقاء ، بل تمام حصصه ثابته ثبوتا عرضيا آنيا بنفس الجعل)).
[وقد] بيّنّا في مسألتي ((الشبهات الحكمية في ضوء الركن الثاني)) و ((ثانيا : تطبيقه في الشبهات الحكمية)) مفصّلا عدم صحة جريان استصحاب عدم الجعل وعدم صحّة استصحاب المجعول فراجع ، وعليه فلا يقع تعارض بين الاستصحابين من باب عدم جريانهما من الاصل