واستصحاب الكلّي لا تتوقف على دعوى التعدد في الواقع الخارجي ، وان للكلّي واقعا وسيعا منحازا عن واقعيات الافراد ـ على طريقة الرجل الهمداني في تصوّر الكلّي الطبيعي ـ وهي دعوى باطلة لما ثبت في محلّه من ان الكلّي موجود بعين وجود الافراد (*).
كما انه لا موجب (١) لارجاع الكلّي في مقام التفرقة المذكورة الى
__________________
(١) قد يقال إذا اردتم استصحاب الكلي ـ ككليّ الحدث ـ فان هذا
__________________
بالعدد ـ أي مفهوما ـ موجود في جميع افراده)) [راجع شرح المنظومة قسم الفلسفة ص ٩٩ من الطبعة الحجرية]. وقد اورد على كلامه ان لازم كون الكلّي الطبيعي واحدا بالعدد مطابقا لجميع افراده انّ هذا الواحد بالعدد سوف يتّصف بصفات افراده المتضادّة من الطول والقصر والبياض والسواد ... الخ ، وهذا النقض الذي اورده عليه الشيخ ابن سينا صحيح بناء على هذا الفهم لمراد الرجل الهمداني.
ولعلّ مراد الرجل الهمداني هو ان الطبيعي ـ لا الكلي الطبيعي ـ واحد بالعدد من حيث المفهوم ، كما يقال ان الوجود واحد لا كثير ويقصدون بذلك ان مفهوم الوجود واحد في الواجب والممكن وان كان مشككا مصداقا وهوية ، وكذلك الامر في الطبيعي فانه متّحد مع افراده من حيث المفهوم لوجود الانسانية فيهم ، ولذلك يكون موجودا في افراده مصداقا وحقيقة
(*) الصحيح ان يقول بدل ((الكلي))((الطبيعي)) فالكلّي الطبيعي هو اصطلاح منطقي المراد منه الجامع بين مصاديقه الخارجية ، وهذا الكلام على اهماله اوقع المحققين في بحث هل ان الكلّي الطبيعي موجود في الخارج او لا ، ولحلّ هذه المشكلة نقول فلنوضّح المراد من الكلي الطبيعي وفرقه عن الطبيعي ، فالكلي الطبيعي للانسان هو هذا المفهوم الذهني الجامع بين افراد الانسان وبما انه كلّي فلا يوجد في الخارج ، نعم الطبيعي ـ بلا قيد الكلية ـ موجود في الخارج وهي الانسانية ، هذا الطبيعي هو الموجود بعين وجود الفرد ، او قل طبيعي الانسان موجود في زيد وعمرو بالبداهة لانهما إنسانان.