وأمّا في الثاني فلأن التنافي (١) انما هو بين المجعولين والفعليتين
__________________
(١) اي الموجود بين الوارد والمورود ... ودليل ذلك انه في عالم الجعل تكون الاحكام الواقعية هكذا مثلا : «خبر الثقة حجّة» ، «من فحص ولم
__________________
بابراز صفة مقوّمة للموضوع بوجودها يخرج الحكم عن الحكم العام ، وهذا يحصل بسبب وقوع تعارض في مرحلة الملاكات بين حكم العام وحكم الخاص بسبب التنافي بين الموضوعين العام والخاص كالعلم والفسق مثلا في مثال ((اكرم العلماء))((ولا تكرم الفسّاق)) ، فكان العلم مقتضيا لوجوب الاكرام والفسق مقتضيا لمبغوضية اكرامه مثلا.
وهنا ايضا حالتان :.
فإمّا ان يكون موضوع الدليل المغلوب عامّا [اي افيد عمومه باللفظ] مثل ((اكرم العلماء)) ثم يأتي خاص فيقول مثلا ((لا تكرم فساق العلماء)) ، وهو التخصيص.
. وإما ان يكون موضوع الدليل المغلوب مطلقا [اي يفاد الشمول والاستغراق بالاطلاق وقرينة الحكمة] مثل ((اكرم العالم)) ثم يأتي مثلا ((لا تكرم العالم الفاسق)) ، وهذا هو التقييد.
(ومن هنا) تعرف وجه الشبه بين الحكومة والتخصيص والتقييد ، وهو ان الادلة الحاكمة والمخصّصة والمقيّدة تبيّن موضوع الدليل المحكوم او المخصّص او المقيّد على حقيقته محدّدا بحدوده الواقعيّة ، ووجه الافتراق بين الحكومة وقسيميها هذين هو ان لسان الحاكم يكون لسان تنزيل واعتبار ، فالمعاملة مع الزيادة بين الوالد وولده ليست ربويّة تنزيلا واعتبارا ، ولعلّ النكتة في ذلك ان الولد وما له لابيه ، وإنّ شكّ كثير الشكّ ليس بشك ، لانّ كثير الشكّ قد سيطر عليه وهمه وخياله فلم يعد شكّه ذا منشأ عقلائي وهكذا ....
وامّا في التخصيص والتقييد فهناك اعتراف بدخول الفرد الخارج في موضوع الدليل العام ، ولذلك تكون الحكومة اقرب إلى التخصص من هذه الناحية.
وللبحث تتمّة تأتيك في الابحاث التالية.