ونلاحظ على هذا الاستدلال ان المعارضة وان كانت من شأن الدلالة التي لم تسقط بعد عن الحجيّة ولكن هذا أمر وتحديد ملاك القرينية (١) أمر آخر ، لانّ القرينيّة تمثّل بناء عرفيا على تقديم الأخص وليس من الضروري ان يراد بالاخصّ هنا الاخصّ من الدائرتين الداخلتين في مجال المعارضة بل بالامكان ان يراد الاخصّ مدلولا في نفسه منهما فالدليل الاخصّ مدلولا في نفسه تكون اخصّيته سببا في تقديم المقدار الداخل منه في المعارضة على معارضه ، بل هذا هو المطابق للمرتكزات العرفية ، لانّ النكتة في جعل الاخصيّة قرينة هي ما تسببه الاخصيّة عادة من قوة الدلالة ، ومن الواضح أنّ قوة الدلالة انما تحصل من الأخصّيّة مدلولا ، وامّا مجرّد سقوط حجيّة العام الاوّل في بعض مدلوله فلا يجعل دلالته في وضوح شمولها للبعض الآخر على حدّ خاصّ يرد فيه مباشرة ، فالصحيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية.
__________________
(١) التي هي الأخصيّة.
(على أي حال) فمراده من هذه الملاحظة أن يقول : ان العرف يرون ان المناط في تقديم الخاص على العام هي الأخصيّة في مرحلة الدلالة ـ دون مرحلة الحجية ـ بلا فرق بين ما لو كان التخصيص بسيطا كما في «أكرم العلماء» و «لا تكرم فساق العلماء» أو معقّدا كما في مسألتنا التي نحن فيها. (ومن هنا) يستغنى عن الصور التي ذكرها بعض العلماء في انقلاب النسبة كالمحقق النائيني والسيد البجنوردي (رحمهماالله).