__________________
الموافقة للطبع لا يعني ان الاستصحاب كاشف عندهم عن الحالة السابقة ، والنتيجة مع ملاحظة هاتين النقطتين [وهما وجود نحو من الامارية والكاشفية ، وعدم ثبوت ان هذا النحو من الكاشفية واقوائية احتمال المصادفة للواقع هي الملاك التام لتشريع الاستصحاب كما كان الحال في خبر الثقة مثلا] ان يكون الاستصحاب اصلا محرزا ، فهو بالتالي يغاير الاصل العملي البحت كالبراءة التي ليس فيها جنبة امارية وكاشفية ، وكذا قاعدتا الحلية والاحتياط.
[وبالتالي] تعرف ان القدر المتيقّن ان يثبت الاستصحاب خصوص المدلول المطابقي ـ كما في استصحاب حياة الابن فانه يثبت بقاءه حيّا فلا توزّع تركته ولا تعتدّ زوجته ـ ولا يعلم أنه يثبت لوازم المستصحب ـ كنبات اللحية ـ ولذلك لو نذر الاب أن يذبح شاة اذا نبتت لحية ولده فان الاستصحاب لا يكفينا لاثبات نبات اللحية وذلك لعدم معلومية تشريع الاستصحاب لكاشفيته ، وانما المعلوم هو دخالة ((ميل الطبع للبناء على الحالة السابقة)) في تشريع الاستصحاب لظهور الروايات في ذلك كما رأيت مرارا ، وهذا الميل لا يقتضي اثبات لوازم المستصحب عقلا ولا عقلائيا ولا دليل شرعي على اثبات لوازم المستصحب فافهم.
[ثمّ] إن اقتصرت في تسمية الامارة على ما تترتب عليه اللوازم العقلية ـ على ما هو معروف عند علمائنا. فالاستصحاب ليس امارة ، وان اطلقت لفظة ((امارة)) على ما كان علّة تشريعها الكاشفية ـ قويت او ضعفت ـ حتّى وان لم تترتب عليها اللوازم العقلية فالاستصحاب امارة ، وكذلك ان اطلقت لفظة ((امارة)) على ما نزّل الشارع الاحتمال فيه منزلة اليقين وقلت ان هذا التنزيل موجود في أدلة الاستصحاب فسيكون الاستصحاب ح امارة ايضا.
المهم ان التسمية بانه امارة او اصل لا تفيد ، والذي يفيدنا هو انه هل تترتب الآثار الشرعية المترتبة على اللوازم العقليّة أو لا؟
وستأتي تتمة هذا البحث إن شاء الله تعالى في مسألة ((مقدار ما يثبت الاستصحاب)) ، وستعرف هناك ان النتيجة ستكون هي الاقتصار على ترتيب الآثار الشرعية الغير مترتبة