__________________
الفطري المحض فقال ((فان الشك لا ينقض اليقين)) وفي رواية اخرى ((فان اليقين لا يدفع بالشك)) ، وكذلك الامر في صحيحة عبد الله بن سنان التي يسأل فيها ابوه الامام الصادق عليهالسلام عن ثوب اعاره لذمّي وهو يعلم انّه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيردّه عليه هل يجب عليه ان يغسله قبل ان يصلّي فيه؟ فقال ابو عبد الله عليهالسلام : ((صلّ فيه ولا تغسله من أجل ذلك)) ثم يعلّل الامام عليهالسلام ذلك بالطريقة السابقة ، قال : ((فانك اعرته إيّاه وهو طاهر ولم تستيقن انّه نجّسه)) ، وهو ايضا صريح في المطلوب.
هذا ، ولكن هذا لا يعني انّ الاستصحاب صار يثبت لوازمه العقلية على ما سيأتيك في بحث ((مقدار ما يثبت الاستصحاب)) من انّ العقلاء يلاحظون الفرق بوضوح بين الامارات التي تحكي عن الواقع كخبر الثقة وبين قاعدة الاستصحاب الناظرة إلى اثبات آثارها الشرعية وليست ناظرة بوجه الى اثبات الآثار الشرعيّة المترتبة على الوسائط العقلية او العادية ، وذلك لأنّ ترتيب تلك اللوازم العقلية أو العاديّة ليس أمرا فطريّا ، مثال ذلك : من المعلوم وجوب الكفّارة على المحرم إذا قتل صيدا ، فلو رمى محرم سهما نحو طائر مثلا ثم شك في بقائه في مكانه ، بحيث لو استصحبنا بقاءه في مكانه لقتله فهل ترى من نفسك الحكم على هذا المحرم بوجوب دفع الكفّارة بعنوان أنّه قتل طيرا؟! وببيان آخر : الاستصحاب هنا انما اثبت ((عدم طيران هذا الطائر)) ، ولازم ذلك ((اصابته)) ولازم اصابته ((قتله)) ، والكفّارة انما تترتب على عنوان ((القتل)) لا على ((عدم طيرانه)) ، ولذلك لا نظن ان احدا من العقلاء يوجب في هذه الحالة على الرامي دفع الكفارة.
وبكلمة اخرى : ان الاستصحاب وان كان يوافق الطبع العقلائي كما ورد في الروايات إلّا أنّه ليس امارة لا في نظر الشارع ولا في نظر العقلاء ، اما بالنسبة إلى نظر الشارع المقدّس فلم يعلم ـ بل نستبعد ـ ان ملاك تشريع الاستصحاب هو اماريته وكشفه عن الواقع وحكايته عنه واقوائية احتمال اصابته كما كان الحال في سائر الامارات كخبر الثقة مثلا.
وأمّا بالنسبة إلى نظر العقلاء ، فانّ الاستصحاب وان كان يوافق طبعهم ـ وهو البناء على الحالة السابقة حتّى يعلموا برفعها ـ إلّا أنّه ليس عندهم من قبيل خبر الثقة ، ومجرّد