__________________
ونحو ذلك من الامور التي لا يترتّب عليها آثار شرعية وانما يراد منها تحصيل العلم الوجداني بحصولها.
ومن هنا تعرف الفرق بين النحو الاوّل من الموارد والنحو الثاني ، فالنحو الاوّل يفترق عن النحو الثاني بانّه يكون في مجال القوانين والتشريعات ، ففي هذا المجال من العقلائية ان يشرّع المشرّع ـ انسانا كان ام ربّ الانسان ـ قاعدة الاستصحاب ، لأنها هي الطريق العقلائي ، وذلك بان يحكم ببقاء الحالة السابقة حتّى يثبت ارتفاعها بدليل.
هذا الامر تراه واضحا ايضا في رواياتنا ، فترى مثلا الرواية الاولى تقول ـ بعد ما يسأل زرارة من الامام عليهالسلام .... فان حرّك على جنبه شيء ولم يعلم به؟ ـ ((لا ، حتّى يستيقن انّه قد نام ، حتّى يجيء من ذلك امر بيّن ، وإلّا فانّه على يقين من وضوئه ...)) فانّ قول الامام ((فانه)) التأكيدية إثارة لحسّ الفطرة والارتكاز العقلائي لدى السائل ، وكأنّ الامام يتعجّب منه ويقول إنّه على يقين من وضوئه ولم يستيقن من رفع الحالة السابقة المتيقّنة ففي هذه الحالة عليك ان لا تنقض يقينك بثبوت الحالة السابقة بالشك في رفعها بطروء عارض ، وببيان آخر : لم يستدلّ الامام عليهالسلام هنا لعدم وجوب إعادة الوضوء بالقرآن او بحديث او بانّ الله تعالى قد تعبّدنا بذلك كما تعبّدنا بكون صلاة المغرب مثلا ثلاث ركعات ، وانّما استدلّ لنا ـ لكي يقنعنا ـ بامر عقلائي وفطري وهو كونه على يقين بوضوئه ثم شك في طروء ما يرفع تلك الحالة السابقة ، فقال عليهالسلام لكي يثير عندنا هذا الاحساس الفطري ((لا ، حتّى يستيقن انه قد نام حتّى يجيء من ذلك امر بيّن ، وإلّا فانّه على يقين من وضوئه ...)) ، ومثلها صحيحته الثانية إذ سأل فيها زرارة الامام قال عليهالسلام ... فان ظننت انّه اصابه ولم اتيقّن فنظرت ولم أر شيئا فصليت فرأيت فيه؟ قال عليهالسلام تغسله ولا تعيد. قال زرارة لم ذلك؟ فلم يجبه الامام بآية ولا رواية او بأمر يفهم منه التعبدية المحضة وانما اجابه بتعليل فطري فقط فقال عليهالسلام : ((لانك كنت على يقين من طهارتك فشككت ، وليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا)) الصريحة في المطلوب ، ومثلهما رواية الخصال ... عن محمّد بن مسلم وابي بصير عن الصادق عليهالسلام ((من كان على يقين ثمّ شك فليمض على يقينه)) ، ثمّ علّل عليهالسلام ذلك بهذا الارتكاز