__________________
وأمّا الاستصحاب فليس احتمال بقاء الحالة السابقة فيه كاشفا عن الواقع ولا يحكي عنه اصلا ، وإن كان فيها نحو من الكاشفية ، لكن هذه الكاشفية قد تكون ضعيفة في بعض الاحيان ورغم ذلك يجري الاستصحاب شرعا بلا شك ، اذن الاستصحاب لا يدّعي الحكاية عن الواقع دائما كخبر الثقة واليد وسوق المسلمين وقاعدة الصحة وغيرها وهذا أمر واضح ، وايضا لا نفهم الاماريّة من كلمة اليقين الواردة في السنة الروايات وذلك لما ذكرناه في تعليقتنا على الوجه الثالث من اوجه الركن الاوّل من اركان الاستصحاب من ان المراد من اليقين الوارد في أدلة الاستصحاب وغيره هو اليقين الطريقي والمرآتي والكاشف عن متعلّقه ، والذي يعني ثبوت الحالة السابقة ، [فلا يصحّ تعلّق السيد الخوئي [قدسسره] بلفظه اليقين لاثبات اماريّة الاستصحاب] اضافة إلى انّ بقاء الحالة السابقة ليس دائما مظنونا ، بل حتّى ولو فرضناه مظنونا دائما فانّه لم يعلم ان الشارع المقدّس عند ما تعبّدنا ببقاء الحالة السابقة انما تعبّدنا به بما انّه حاك وكاشف عن الواقع كخبر الثقة مثلا ... فلا يبقى عندنا دليل على امارية الاستصحاب.
إذن ما هي حقيقة الاستصحاب؟
فنقول : في الحقيقة الاستصحاب هو اصل عقلائي المنشأ ارشدنا إليه المشرّع الحكيم لا بقائنا على هذا الارتكاز الفطري ، ألا ترى القضاة في الشرائع والقوانين الوضعيّة يحكمون. من حيث عقلائية تشريعاتهم. بالملكية بناء على سند ملكية قديم التاريخ ولا يرفعون اليد عن ذلك حتّى يثبت لديهم الخروج عن ملكيته بدليل اقوى كاخبار صادقين ، ألا تراهم يحكمون الدّين على المستدين حتى يثبت لديهم دفعه ، ويحكمون ببقاء الزوجية الى أن يثبت الرافع ويرتّبون على ذلك الارث ، ويقرضون بعضهم بعضا ... وقد يكون هذا الاقراض ونحوه ناشئا احيانا من الغفلة عن احتمال عروض الموت او غير ذلك للمستدين ، وهذا ما يؤكد شدّة هذا الارتكاز العقلائي ولذلك انتشرت هذه الاعمال والاحكام عند جميع العقلاء.
لكن هناك حالات لا يصحّ ان يجري فيها الاستصحاب للزوم ثبوت الحالة السابقة وجدانا كما فيما لو اراد تاجر ان يبعث اموالا الى تاجر آخر احتمل موته لبعض قرائن ،