__________________
«الميل النفسي للبقاء على الحالة السابقة» فانه وإن لم نكن نعلم بانه داع وسبب تام لتشريع الاستصحاب الّا اننا نعلم بدخالته في تشريعه ولو بنحو جزء العلّة لظهور الروايات بذلك ، يقول السيد الشهيد في تقريرات السيد الهاشمي ج ٦ ص ١٨٠ : «وامّا الاستصحاب فانه وإن لم يكن قد لوحظ فيه نوعيّة المحتمل لأنّه لا بشرط من حيث نوع الحكم المؤدّي إليه كالخبر والظهور ، كما انّه ربما تكون قوّة الاحتمال والكشف النوعي ولو الضعيف ملحوظا في حجّيته ، إلّا أنّ (احتمال) أخذ خصوصيّة ونكتة نفسية في حجيّته ولو نكتة الثبوت سابقا أو اليقين السابق بحيث لا يمكن الغاء ذلك بعد ان كان دليل حجيته ظاهرا في اعتباره (متّجه) ، كما ان الارتكاز لا يقتضي الغاء ذلك ان لم نقل باقتضائه ملاحظته ، حيث تقدّم ان بناء العرف على الاستصحاب لا يستبعد ان يكون لما فيه من حالة الانس والانسياق مع الوضع السابق والميل النفسي نحوه ، لا لمجرّد الكاشفيّة وقوّة الاحتمال(*)» انتهى كلامه زيد مقامه.
__________________
(*) [أقول] كنّا قد ذكرنا في مسألة ((الامارات والاصول)) من الجزء الاوّل الفرق بين الامارة والاصل ، وقلنا انّه لم يرد هكذا عناوين في شرعنا الحنيف ، وانما الفرق بينهما هو من حيث ثبوت الآثار الشرعية المترتّبة على اللوازم العقليّة في الامارة وعدم ترتّبها في الاصل ، ومن هنا يتعيّن ان نبحث في الفرق بينهما من هذه الناحية فنقول :
إنّ الامارة هي ما تدلّ على مدلولاتها المطابقية والالتزامية بنفس القوّة في نظر العرف ، وذلك لانها تدّعي انّها تحكي عن الواقع وتدّعي الكاشفية عنه والمطابقة له ، فعند ما يعتبرها الشارع المقدّس حجّة فهذا يعني عرفا انّها بكل مداليلها العرفية تصير حجّة ، أي بما في ذلك مداليلها الالتزامية العقلية ، ومن هنا يقول علماؤنا رضوان الله عليهم بحجيّة مثبتات الامارات.