بعد زوال التغير او النقاء من الدم ، وذلك لأنّ النجاسة والحرمة وكلّ حكم شرعي ليس له وجود وثبوت إلّا بالجعل ، والجعل آنيّ دفعي ، فكلّ المجعول يثبت في عالم الجعل في آن واحد من دون ان يكون البعض منه بقاء للبعض الآخر ومترتبا عليه زمانا ، فنجاسة الماء المتغير بتمام حصصها وحرمة مقاربة المرأة بتمام حصصها متقارنة زمانا في عالم الجعل ، وعليه فلا شك في البقاء ، بل ولا يقين بحدوث المشكوك أصلا ، بل المتيقّن حصة من الجعل والمشكوك حصّة اخرى منه ، فلا يجري استصحاب النجاسة او الحرمة (*) وهذا الكلام مبني على ملاحظة عالم
__________________
(*) [أقول] هذا الوجه هو الصحيح ، وهو العمدة في القول بعدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية ، وبيانه باختصار :
اننا إذا شككنا في طول أمد الحكم وقصره سواء كان الزمان مفرّدا لموضوعه [كوطء الزوجة التي نقت من الحيض فانّ الحرمة ممتدّة على طول الزّمان وفي كلّ آن منه] او لا [كما في طهارة الماء ونجاسته والملكية والزوجية ونحوها] ، فانّ هذا الشك هو في الحقيقة شكّ في اصل الجعل الزائد المشكوك ، وفي مثله لا شكّ في جريان البراءة عن الزائد ، ولك ان تقول : لا شكّ في تمامية الشريعة المقدّسة ، كما انّه لا شك في عدم وصولها بكلّ حدودها لنا بطرق صحيحة ، وكون القسم الذي لم يصل إلينا بطرق صحيحة موردا لجريان البراءة ، فلو شككنا في مدى شمول هذا الحكم وحدوده. جعلا. فاننا بالتالي نشكّ في الزائد وهل انّ المولى جعله بحكم القدر الاقلّ او انه تعالى جعله بحكم آخر ، وبما انّ حكم هذا المقدار الزائد مشكوك ولم يصل إلينا فهو مجرى للبراءة لا للاستصحاب ، وذلك لانّ الحصّة الثانية المشكوكة الجعل لا يعلم انها امتداد للحصّة الاولى المتيقّنة الجعل ، وهي لهذا السبب تغاير حالة الشك في بقاء طهارة الماء في الشبهات الموضوعية ، فانّ الحصّة اللاحقة في مثال الطهارة هي امتداد للحصّة السابقة ، وامّا في