المعتبر الحكم بالعود ، ونحن لا نحكم بالعود ما لم ينقض زمان يمكنه أن يطلّقها فيه ، فقد تأخّر كونه عائدا عن كونه مظاهرا بهذا القدر ، وهو يكفي في العمل بمقتضى كلمة ثمّ.
والتحقيق أن الكلام وارد على الغالب أو أنّ كلمة «ثمّ» هنا ليست للتّراخى الحقيقي بل للتّراخى الرتبي الدال على أنّ مرتبة العود بعد الظهار من غير اعتبار التّراخي حقيقة ، ويكفي في ردّ قول الشّافعيّ انه خلاف المتبادر من العود ما قاله أهل اللغة فإن الألفاظ انما ثبت معانيها بالنقل عن أهل اللغة لا بالقياس.
(فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ حذف خبره والتقدير فالواجب أو فعليهم تحرير رقبة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) اى من قبل أن يجامع إذ هو الظاهر من إطلاق المماسة كما في قوله : من قبل أن تمسوهنّ. وان كان بحسب اللّغة أعمّ منه. وعلى هذا فلا يحرم غيره من ضروب الاستمتاعات كالقبلة ونحوها وهو أحد القولين لأصحابنا والعامة ، والآخر تحريمها مطلقا وهو اختيار الشيخ في المبسوط وجماعة من العامة لإطلاق المسيس على مطلق الاستمتاع في اللغة والأصل عدم النقل.
وفيه نظر إذ يجوز أن يكون الإطلاق على التواطؤ بمعنى أنه موضوع لمعنى يشترك فيه كثير وهو تلاقى الأبدان مطلقا وإطلاقه على الوطي استعمال اللفظ في بعض أفراده الّذي كثر استعمال اللفظ فيه ، بحيث صار هو المتبادر عند الإطلاق فلا نقل ولا اشتراك لفظ ولا مجاز ، وظاهر الآية تحريم ذلك على كلّ منهما ، إذ الضمير عائد إليهما ولانّ مقتضى التشبيه ذلك.
ولكن المشهور بين الأصحاب اختصاص حكمه بالرّجل دون المرأة الّا أن تكون معاونة له على الإثم ، فيحرم لذلك لا للظّهار ، وفي الآية دلالة على تقديم الكفارة على المسيس بمعنى تحريم المسيس حتى يكفر فلو عزم على العود ولم يفعل الاستمتاع ثمّ بدا له في ذلك فطلقها سقطت عنه الكفارة.
واحتمل بعض الأصحاب استقرارها بالعود نظرا الى ظاهر قوله تعالى (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) الآية ، وفي الدلالة نظر بل الظاهر وجوبها بالعود