من غيره من المعاصي.
الثانية :
(وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) أي يقولون الّذي حكيناه سابقا.
(ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) اى يتداركون ما قالوه لانّ المتدارك للأمر عائد اليه ومنه المثل : عاد الغيث على ما أفسد ، اى تداركه بالإصلاح.
قال الفراء لا فرق في اللغة بين قولك عاد لما قال والى ما قال وفيما قال ، والمشهور بين أهل اللغة انّ القائل إذا قال عاد لما فعل جاز أن يريد انّه فعل مرة أخرى وهذا ظاهر ، وجاز أن يريد أنّه نقض ما فعل ، لانّ التّصرف في الشيء لا يمكن الّا بالعود إليه.
والى هذا يذهب الأكثر من العلماء الّا انّ الشّافعيّ قال : معنى العود لما قالوا السّكوت عن الطّلاق بعد الظّهار زمانا يمكنه أن يطلّقها فيه ، وذلك لانّه لمّا ظاهر فقد قصد التّحريم ، فان وصل ذلك بالطّلاق فقد تمّ ما شرع فيه من إيقاع التّحريم ولا كفّارة عليه ، فإذا سكت عن الطّلاق دلّ على انّه ندم على ما ابتدأ به من التحريم فحينئذ يجب عليه الكفّارة.
والذي يذهب إليه أصحابنا هو القول الأوّل فهو عندنا إرادة الوطي أو نقض ما قاله أوّلا. ويدلّ على أنّ المراد بالعود ما قلناه بعد ما ذكرنا من قول أهل اللغة انّه لا يجوز أن يراد به الوطي على ما ذهب اليه قوم بقوله (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) فأوجب الكفّارة بعد العود قبل الوطي فدلّ على أنّه غيره.
ولا يجوز أن يكون العود إمساكها زوجة مع القدرة على الطّلاق على ما قاله الشّافعيّ لأنّ العود يجب أن يكون رجوعا الى ما يخالف مقتضى الظّهار ، وإذا لم تقتض فسخ النّكاح لم يكن العود الإمساك ، ولانّه قال (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) وذلك يقتضي التّراخي ، وعلى قول الشافعيّ الذّاهب الى أنّ العود هو السّكوت عن طلاقها يكون المظاهر عائدا عقيب القول بلا تراخ وهو خلاف مقتضى الآية.
وأجابوا بأنّه على هذا يلزم أن لا يتمكّن المظاهر من العود إليها عقيب الفراغ من التلفظ بلفظ الظهار ، حتّى يحصل له التّراخي بالعود والإجماع على خلافه ، فإذا