الاجتهاد على كلّ أحد وحرم التقليد ، نظرا الى انّ الحاصل منه ظنّ مذموم واعتبر آخرون في جوازه عدم كونه ممن يعرف صحة الدّليل وفساده فلا يجوز التقليد بالنسبة إلى العارف وهذا غير بعيد كما يظهر بملاحظة أدلّة جواز التقليد وعدمه ولو لا الضرورة والحرج لكان القول بعدم جوازه مطلقا أوجه.
لكنّ الظاهر أنّ فيه ضررا عظيما وحرجا وضيقا وهو منفي بالعقل والنقل بل متعذّر من أكثر الناس وقد بسطنا الكلام هنا في الأصول.
والواو في قوله (أَوَلَوْ كانَ) للعطف لا للحال على ما وقع في الكشاف وفعل الاستفهام محذوف وكذا جواب الشرط والمعنى أيتبعونهم ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا من الدّين ولا يهتدون من الصواب لا تبعوهم أيضا.
الثالثة : [البقرة ١٧٧].
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) أي مما تستلذّونه وتستطيبونه من الرّزق الحلال لا الحرام ، فإنه لا يرزق إلّا الحلال كما ثبت في محلّه ، ولا ما كان خبيثا ينفر عنه الطبع ويجزم العقل بقبح أكله كالدّم والبول والمني والحشرات وغيرها ، ويبقى بيان ما لا يدرك العقل كونه طيبا موكولا الى الدّليل الخارجي.
وقد يستفاد منه اعتبار كونه طاهرا إذ النجس خبيث مضرّ ومن ثمّ فسر بعضهم الطيب بالطاهر ، فهي بمثابة السابقة في الدّلالة على إباحة أكل جميع ما يعدّه العقل طيبا ولا يجد فيه ضررا ولا نجاسة وخبثا مما يسمى رزقا لبني آدم وينتفع به في الأكل والأمر فيها للإباحة ، فإنّ تناول المستلذّات لا يدخل في التعبد.
وما يقال انه للوجوب نظرا الى وجوب أكل المباح وقت الحاجة دفعا للضرر عن النفس ، فلا يخفى ما فيه فانّ مرجع الأوّل الإباحة وتحريم ما عداه والثاني لا يعرض في بعض الأوقات والآية غير مقصورة عليه.
(وَاشْكُرُوا لِلَّهِ) على ما رزقكم (إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) ان صحّ أنكم تخصونه