المجتهد فيما تقدّم.
لكن في كلامه هذا نظر من وجوه :
الأوّل ـ انّا لا نسلّم دلالة الآية على ذلك إذ ليس فيها إلّا تحريم ترك ما انزل الله واتّباع الإباء لا تحريم التّقليد مطلقا لمن قدر على الاجتهاد إلّا أن يقال : الذّمّ انّما توجّه إليهم بسبب التّقليد إذ لو كان لهم حجّة يستمسكون بها لم يتعلّق بهم الذّمّ فتوجّه الذّمّ إليهم لذلك يعطى التّحريم مطلقا ويلزم المطلوب.
وقد يستدلّ على بطلان التّقليد بأن يقال للمقلّد : أعرفت انّ المقلّد محقّ أم لا فان لم تعرف فكيف قلّدته مع احتمال كونه مبطلا وان عرفت فامّا بتقليد آخر ويلزم التّسلسل وامّا بالعقل وذلك كاف في معرفة الحقّ والتّقليد ضائع.
الثّاني ـ حكمه بجواز اتّباع الغير في الدّين إذا علم إلخ لا يخفى ما فيه فإنّه لا يكفي في الاتّباع مجرّد كون المنع محقا ، بل لا بدّ له من دليل على الاتّباع حتّى يخرج من التّقليد المذموم ويدخل في اتّباع الدّليل فانّ التّقليد إذا عرى من الدّليل كان مذموما كما أشرنا اليه.
وأيضا لا يجوز للمجتهد تقليد مجتهد غيره كما بيّن في الأصول ، مع انّ ذلك الغير محقّ ومتّبع لما انزل الله إلّا أن يريد غير المجتهد كما يعطيه سياق كلامه الدّالّ على المنع من التّقليد لمن قدر على النظر والاجتهاد ، وان كان قوله أخيرا انّ اتّباع المجتهد ليس بتقليد قد يأباه فتأمّل فيه.
وبالجملة عدم جواز تقليد المجتهد مجتهدا آخر معلوم قطعا إذ الظنّ الحاصل باجتهاده أقوى ممّا يحصل له بالتّقليد ومع وجود الأقوى لا يتبع الأضعف.
وأيضا المنع من اتّباع الظنّ في القرآن كثير إلّا ما خرج بالدّليل ووجوده هنا غير ظاهر لعدم الإجماع وهو العمدة في جواز التّقليد وانتفاء الحرج والضّيق المتعيّن عقلا بدونه.
ومن ثمّ اختلف الأصوليون في أصل جواز التقليد حتى ذهب جماعة إلى إيجاب