كالفروع. ثمّ اخرج من ذلك اتّباع الظنّ الحاصل للمجتهد من مدرك شرعيّ فإنّه ممّا يجب اتّباعه وان كان الظنّ في طريقه نظرا الى ما دل عليه من الدّليل.
وذلك لانّ هنا مقدّمتين وهي قول المجتهد : هذا مظنوني مجتهدا وكلّ ما هو كذلك فهو ممّا يجب عليّ العمل به والأولى وجدانيّة والثّانية إجماعيّة قطعيّة فيكون الحاصل منهما اعني وجوب العمل معلوما على القطع له ، فمراده إخراج ذلك ممّا منع من اتّباع الظنّ فيه لا انّ العلم قد تعلّق بالحكم نفسه ، فانّ كون الحاصل من الدّليل الظنّي أعني أحد الأحكام الخمسة نفسها معلوما للمجتهد غير ظاهر ، إذ ما يلزم من الدّليل الظنّي ظنّي قطعا ، إلّا أن نقول بالتّصويب وهو قول مرغوب عنه لقيام الدّليل على التخطئة.
ويمكن ان يراد من العلم ما يشمل الظنّ أيضا فإنّ إطلاق العلم عليه في القرآن غير عزيز وحينئذ فيصحّ القول بذلك الحكم الظنّي واستناده الى الله تعالى وكان عليه أن يذكر المقلّد فإنّه يجب عليه اتّباع ما ادّى اليه ظنّ مجتهده ويعلم ذلك أيضا بدليل مثل قوله : هذا ظنّ مجتهدي ، وما هو كذلك يجب عليّ العمل به والأولى فرضيّة والثّانية إجماعيّة ، فلا يحرم عليه اسناد الاحكام المظنونة له اليه تعالى ، بأن يقول : هذا حرام وهذا واجب ونحو ذلك.
ومن ثمّ قيل : انّ تقليد المجتهد ليس بتقليد على الحقيقة بل على المجاز فإنّه قبول قول الغير بغير دليل وهذا له دليل فيكون الإخلال به مع ذكر المجتهد بعيدا من الصّواب إلّا أن يقال : هو داخل في اتّباع ظنّ المجتهد لكونه مقلّده أو يقال : خرج ذلك بالإجماع ولولاه لمنعنا العمل به فانّ اتّباع الظنّ مذموم الّا فيما دلّ الدّليل عليه.
ثمّ انّ القاضي عند قوله تعالى (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ) قال : هو دليل على المنع من التّقليد لمن قدر على النظر والاجتهاد وامّا اتباع الغير في الدّين إذا علم بدليل ما انّه محقّ كالأنبياء والمجتهدين في الأحكام فهو في الحقيقة ليس بتقليد بل اتّباع لما انزل الله وهذا يوجب إدراج المقلّد مع