الله تعالى أنّ أرزاق العباد انّما تحصل بعمل الانعام وقد جعل الله علفها ممّا يفضل من حاجتهم ولا يقدرون على أكله.
(مِنْها خَلَقْناكُمْ) أراد بخلقهم من الأرض خلق أصلهم وهو آدم عليهالسلام أو لأنّ بنى آدم خلقوا من النّطفة ودم الطّمث المتولدين من الأغذية المنتهية إلى العناصر الغالبة عليها الأرضيّة أو لما ورد في الخبر : انّ الملك يأخذ من تربة المكان الّذي يدفن فيه الآدمي فيبذرها علي النّطفة.
(وَفِيها نُعِيدُكُمْ) بالموت وتفكّك الاجزاء فتعود أرضا لانّ الجسد يصير ترابا فيختلط بالأرض إلّا من رفعه الله الى السّماء وهو أيضا يحتمل أن يعاد إليها.
(وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) فيؤلّف بين اجزائهم المتفرّقة المختلطة بالتّراب ويردّهم كما كانوا أحياء أوّل مرّة ويخرجهم الى المحشر يوم يخرجون من الأجداث سراعا فيكون الإعادة الجسمانيّة بعد الموت معلومة من الآية كما هي من غيرها.
وقريب من ذلك في الدّلالة قوله تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أنشاهما مقدّرين على سبيل الاختراع المشتمل على الايات العظيمة امّا السماوات فقد زعم أهل الهيئة لما شاهدوا لكلّ واحد من السّيارات السبع حركات مختلفة كالبطؤ والسرعة بعد التّوسط في الحركة والوقوف والرّجوع بعد الاستقامة إلى الحركة على توالى البروج بعد ما حكموا انّ السّماوات لا يتطرّق إليها الاختلاف الوضعيّ ، وانّ حركة الكواكب في الفلك ليست كحركة السّمك في الماء ، وإنّما تدور بإدارة الفلك إيّاه.
انّ كلّ واحد من الأفلاك السيّارة تنقسم إلى أفلاك أخر يتضمّنها فلكه الكلّي الّذي مركزه مركز العالم ، ومراكزها تخالف مركزه في الأغلب ثمّ ان كان مع المخالفة محيطا بالأرض سمّى الخارج المركز وان لم يكن محيطا بها سمّى بالتّدوير وكان الكوكب فيه مركوزا كالفصّ في الخاتم ، ويلزم من مجموع الحركات المركّبة من تلك الأفلاك حركة مختلفة في النظر ، وان كان كلّ منها متشابها في نفس الأمر ونعني بالتشابه هنا أن يقطع المتحرّك من المحيط في أزمنة متساوية قيسا متساوية