فلا ينافيه ورود التّحريم بعد ذلك بالنّسبة إلى أشياء أخر ، وعلى هذا فلو ورد خبر دالّ على تحريم شيء غيرها لا يكون ذلك نسخا للكتاب بالسنّة كما قد يتوهّمه جماعة ، لأنّ شرط النّسخ استمرار الحكم وعدم وجدان الحكم في وقت لعدم الوحي لا ينافيه التّنصيص على الحكم فيما بعد ذلك من الأوقات ، إذ نهاية عدم وجدان الحكم عدم الحكم ، وهو ليس حكما بالعدم ، حتّى يكون ورود الحكم بعد ذلك ناسخا.
على أنّ ذلك لا ينافي محرّمات أخر في تلك الحالة إذ قد يكون الحصر إضافيّا أو يكون داخلا بدليل آخر فيخصّ عموم الإباحة المفهوم من الحصر بدليل من خارج كسائر العمومات ، أو يقال : إن حاصل القول بأنّه لا محرّم سوى الأربعة انّ ما عداها ليست بمحرّمة وهذا عامّ فإثبات محرّم آخر تخصيص له لا نسخ فلا نسخ بوجه.
وقد ظهر ممّا ذكرنا أنه لا يمكن الاستدلال بها على حلّ ما عدا المذكورات الّا مع انضمام الاستصحاب وتتبع دليل التحريم فإنه بمجرّد أصالة العدم من دون الفحص والتفتيش لا يثبت الحليّة لجواز التّغيير نعم لا يجب الاستقصاء في الفحص كما بيّن في الأصول.
الثالثة :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ) وهو كلّ شراب خالط العقل فستره وذهب به من أىّ قسم كان أخذا من التّخمير وهو السّتر ، هذا عند أصحابنا ولهم في ذلك روايات دلّت عليه وتابعهم الشّافعي وقال أبو حنيفة : هو ما غلا واشتدّ وقذف بالزّبد من عصير العنب.
(وَالْمَيْسِرِ) مصدر كالموعد سمّى به القمار لما فيه من أخذ مال النّاس بيسر أو سلب يساره تقول : يسرته إذا قمرته وهو عندنا شامل لجميع أنواع القمار من النّرد والشطرنج والكعبتين حتّى لعب الصّبيان بالجوز ، وان لم يكن على رهن عند أصحابنا ، وعن النّبيّ صلىاللهعليهوآله : إيّاكم وهاتين الكعبتين المشؤمتين فإنّهما من ميسر