(فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) اى فاقطعوا عنهما الإيذاء وأعرضوا عنهما بالإغماض والستر.
(إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) علة الأمر بالاعراض وترك المذمّة ، وقد اختلف في المراد بهذه الآية فقيل انّها في البكرين خاصّة دون الثيبين والأولى في الثيبين دون البكرين ونسختا بآية الجلد والرّجم.
وقيل : انّهما في شيء واحد وانّ هذه كانت سابقه على الاولى نزولا وكان عقوبة الزّنا الأذى ثمّ الحبس على الوجه السّابق ثمّ الجلد اى نسخ الحكم مرّة بعد أخرى الى ان استقرّ في الجلد.
وقيل : انّ المراد بالفاحشة هنا اللّواط على أنّ المراد بقوله تعالى (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها) الرّجلان يخلوان بالفاحشة بينهما وفي الآية السّابقة المساحقة الحاصلة بين النّساء ونقله في مجمع البيان عن ابن مسلم قال : وحكم الآيتين عنده ثابت غير منسوخ والى هذا التّأويل يذهب أهل العراق فلا حدّ عندهم في اللّواط والسّحق.
ثمّ قال : وهذا بعيد لأنّ الّذي عليه جمهور المفسّرين أن الفاحشة في الآية الزّنا وانّ الحكم فيها منسوخ بالحدّ المفروض في سورة النّور ، وقد يقال : لو كان المراد بالفاحشة هنا اللّواط كما قالوه لم يلزم عدم الحدّ فيه إذ يجوز أن يكون المراد بالأذى إقامة الحدّ عليه أعنى القتل الّذي هو أعلى مراتبه كما بيّن من خارج لا التّقريع باللّسان فقط.
ولو قلنا أنّ الحكم فيها منسوخ بالحدّ فالمراد أنّ الاقتصار على الأذى والتّقريع باللّسان قد نسخ الى الحدّ اللّازم على الزّاني لا أنّ الأذى نسخ إذ هو حكم لم ينسخ فإنّ الزّاني يؤذى ويعنف من باب النهي عن المنكر ويذمّ على فعله لكنّه لم يقتصر عليه بل زيد فيه بأن أضيف الجلد أو الرّجم اليه.
وفي الآية دلالة على وجوب ترك الأذى بعد التّوبة ولعل المراد بالإصلاح الكون على التّوبة بحيث يفهم عرفا انّه صلح حاله. واقتضى مفهوم الشّرط انّهما ما لم يتوبا