عليه قوله (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) والمراد أنّه يسقط عقابه عن المعصية فلا يعذّبه في الآخرة بها أمّا العذاب في الدّنيا يعنى القطع فظاهر المبسوط أيضا لعموم فمن تاب الآية فإنّ ظاهرها عدم تعذيبه بعد التّوبة ولا شكّ أنّ قطع اليد تعذيب فعلى هذا متى تاب السّارق قبل قيام البيّنة عليه سقط عنه القطع ووجب عليه ردّ السّرقة ولا خلاف في ذلك بين أصحابنا أمّا لو كانت التّوبة بعد قيام البيّنة فليس للإمام العفو بل يتعيّن عليه إقامة الحدّ. ولو تاب بعد إقراره مرّتين بالسّرقة عند الحاكم فانّ بين أصحابنا في سقوط القطع هنا اختلافا.
وقال الشّيخ في النهاية : يجوز للإمام العفو عنه في هذه الصّورة إذا كان العفو أردع في الحال ، فاما ردّ السّرقة فإنّه يجب على كلّ حال وأنكره ابن إدريس ومنع من العفو هنا لما فيه من تعطيل حدود الله قال : وحمله على الإقرار بالزّنا الموجب للرّجم قياس لا نقول به واختار العلّامة في المختلف الأوّل وحكم بانّ العفو هنا ليس من باب القياس بل من طريق الأولويّة فإنّ التّوبة إذا سقطت تحتم أعظم الذنبين أسقطت تحتّم أضعفهما بطريق أولى.
ويؤيّده ما روى (١) عن بعض الصّادقين عليهمالسلام قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فأقرّ بالسّرقة فقال له علىّ عليهالسلام : أتقرأ شيئا من كتاب الله؟ ـ قال نعم سورة البقرة قال : قد وهبت يدك لسورة البقرة. فقال الأشعث : أتعطل حدّا من حدود الله؟ فقال : وما يدريك؟ إذا قامت البيّنة فليس للإمام أن يعفو لقوله (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) وإذا أقرّ الرّجل على نفسه فذاك إلى الامام إن شاء عفى وإن شاء قطع. وأكثر العامة على عدم العفو وتعيّن القطع مطلقا.
__________________
(١) انظر التهذيب : ج ١٠ ، ص ١٢٩ ، الرقم ٥١٦. والاستبصار : ج ٤ ، ص ٢٥٢ الرقم ٩٥٥. والفقيه : ج ٤ ، ص ٤٤ ، الرقم ١٤٨.