الله عزوجل : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ ...) الآية أي شيء عليهم من هذه الحدود الّتي سمّى الله عزوجل؟ ـ قال : ذاك الى الامام ان شاء قطع وان شاء صلب وان شاء نفى وان شاء قتل قلت : النّفي إلى أين؟ قال : النّفي من مصر الى مصر آخر ونحوها من الاخبار.
والتّخيير المذكور انّما هو إذا لم يقتل فلو قتل تحتّم قتله ولم يكتف بغيره من الحدود سواء قتل مكافئا أولا وسواء عفا عنه الوليّ أولا وقد صرّح بذلك القائلون بالتّخيير.
(ذلِكَ) اى ما أوجبناه من الجزاء (لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا) ذلّ وفضيحة فيها (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ) لعظم ذنوبهم.
وفي الآية دلالة واضحة على انّ اقامة الحدود لا يوجب تكفير المعاصي لأنّه تعالى بيّن أنّ لهم في الآخرة العذاب مع ذلك الخزي في الدنيا ولو كان يسقط العقاب لما كان كذلك.
والمراد انّهم يستحقّون العذاب لا أنّ ذلك ممّا يجب أن يفعل بهم لا محالة وحينئذ فيجوز أن يتفضّل الله عليهم بإسقاط ما يستحقّونه ، وخالف هنا الوعيديّة وقطعوا بعذاب هؤلاء وفيه نظر.
(إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) مستثنى ممّا تقدّم اى تابوا قبل أن يؤخذوا أو يظفروا بهم. (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يقبل توبتهم ويدخلهم الجنّة. ومنطوق الآية أنّ التّوبة قبل القدرة تسقط الحدّ ومقتضى المفهوم انّهم لو تابوا بعد القدرة عليهم اي بعد سقوطهم في يد الإمام فإنّ التوبة لا أثر لها في سقوط الحدّ وهو كذلك إجماعا.
والمراد أنّ السّاقط بالتّوبة حق الله تعالى فامّا ما يجب من حقوق الآدميّين
__________________
ـ الرقم ٩٧٠. والكافي : ج ٢ ، ص ٣٠٧ باب حد المحارب ، الحديث ٣. والمرآة ج ٤ ، ص ١٨٢.