دليل ضعيف لا ينسخ بالمنطوق بل يضمحلّ في مقابلته لعدم صلاحيّته للمعارضة.
واما رابعا فلانّه يمكن التّخصيص ببعض الصّور وهو أولى من النّسخ.
وقد ظهر ممّا ذكرنا انّ مراد الحنفيّة بنسخها نسخ مفهومها بالنّسبة إلى تلك الصّورتين لا منطوقها لظهور بقاء حكمها عندهم أيضا ومن ثمّ نقل القاضي عنهم الاحتجاج بها على أنّ مقتضى العمد القود وحده ثمّ قال : وهو ضعيف إذ الواجب على التّخيير يصدق عليه انّه وجب وكتب ولذلك قيل التّخيير بين الواجب وغيره ليس نسخا لوجوبه.
ولا يذهب عليك انّ احتجاج الحنفيّة بها قويّ فإنّ الظّاهر منها انّ موجب القتل عمدا هو القصاص وحده حيث اقتصر عليه امّا الدّية فغير ظاهر وجوبها منه بل وجوبها منفيّ بالأصل وكون الواجب على التّخيير يصدق عليه انّه واجب لا ينافي ذلك إذ الظّاهر المتبادر من الوجوب كونه عينيا لا تخييرا.
وما ذكره من أن التّخيير بين الواجب وغيره ليس نسخا لوجوبه حقّ فانّ النسخ رفع الحكم الشّرعيّ والثّابت قبل التّخيير أصالة عدم وجوب غير ذلك الواجب وهو حكم عقليّ فارتفاعه بالتّخيير لا يكون نسخا لأصل الوجوب نعم هو نسخ للوجوب العيني.
وبالجملة فالّذي عليه أصحابنا وأكثر العامّة انّ الواجب في قتل العمد هو القصاص وحده ولهذا لو امتنع القاتل من بذل الدّية لم يكن لأولياء المقتول المطالبة بها ولو بذلها هو من نفسه لم يجب على أولياء المقتول قبولها وكان لهم المطالبة بالقود ولو كانت واجبة تخييرا لم يكن كذلك.
وأصحابنا يستدلّون بهذه الآية على وجوب القود وحده في قتل العمد وهي ظاهرة فيه كما عرفت لانّ الواجب أحد الأمرين من الدّية والقصاص كما ذهب اليه بعض العامّة نعم لو اصطلحا على الدية جاز كما يعلم من خارج وانعقد عليه الإجماع.
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) أي شيء من العفو وبذلك صحّ وقوعه موقع