الصّورتين المذكورتين وان كان المقتول أعلى من القاتل لأنّ الجاني لا يجني على أكثر من نفسه ولا كلام في الصّورة الأولى أمّا الثّانية فالأخبار المتكثّرة المعتبرة الإسناد دالّة على أن ليس لأوليائه شيء سوى القتل وفي بعضها تعليل ذلك بأنّ الجاني لا يجني على أكثر من نفسه.
نعم في رواية أبي مريم الأنصاريّ عن الباقر عليهالسلام في امرأة قتلت رجلا قال : تقتل ويؤدّى وليّها بقيّة المال وقد اعترف الشّيخ بشذوذها ومخالفتها لظاهر الكتاب أعنى قوله : النّفس بالنّفس.
قلت : وفيها ضعف السّند أيضا فانّ في سندها معاوية بن حكيم وعلىّ بن الحسن بن رباط وحالهما غير خفيّة مع أنّها لا قائل بها من الأصحاب بل يظهر من الشّهيد في شرح الإرشاد دعوى الإجماع على العدم. وامّا قتل الذكر بالأنثى وإن لم يكن ظاهرا من الآية فإجماعنا منعقد عليه وأخبارنا متظافرة به ولكن هنا يجب أن يردّ وليّها على أولياء المقتول نصف ديته لانّ ديته ضعف ديتها.
والأكثر من المفسّرين على أنّ هذه الآية محكمة غير منسوخة وعلى ذلك أصحابنا أجمع وقالت الحنفيّة : انّها منسوخة بقوله (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) لاقتضائه وجوب قتل الحرّ بالعبد والذكر بالأنثى ويستدلّون عليه بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : المسلمون تتكافأ دمائهم ، وبأنّ التّفاضل غير معتبر في الأنفس مع زعمهم دلالة الآية السّابقة على عدم القتل في الصّورتين المذكورتين بالمفهوم.
وقولهم هذا مدفوع من وجوه امّا أوّلا فلانّ آية النّفس بالنّفس حكاية ما في التّوراة على أهلها وليس فيها ما يوجب انّه فرض علينا وهذه الآية خوطب بها المسلمون وكتب عليهم ما فيها ، فلا وجه لنسخ ما في القرآن بما في التّوراة على ذلك الوجه.
وأما ثانيا فلانّه لا عموم له بحيث ينسخ به شيء خاصّ.
واما ثالثا فلانّ حكمهم بالنّسخ هنا انما هو بالنّسبة فإنّهم يزعمون دلالة الآية المذكورة على عدم القتل في الصورتين السابقتين بالمفهوم ولا يخفى أن المفهوم على تقدير حجيته