من الآية ولعلّ الوجه فيه كونها بيانا للقصاص المكتوب وظهور سبب النّزول في أنّ المراد عدم التّعدي عن ذلك. وأنكر القاضي دلالتها على ذلك وقال : إنّها لا تدلّ على أن لا يقتل الحرّ بالعبد والذّكر بالأنثى كما يدلّ على عكسه فانّ المفهوم انّما يعتبر حيث لم يظهر للتّخصيص غرض سوى اختصاص الحكم وقد بيّنا ما كان الغرض.
ثم قال : وأمّا منع مالك والشّافعيّ قتل الحرّ بالعبد سواء كان عبده أو عبد غيره فلما روى عن علىّ عليهالسلام : انّ رجلا قتل عبده فجلده النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، وروى عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : من السّنة أن لا يقتل مسلم بذي عهد ولا حرّ بعبد ، ولأنّ أبا بكر وعمر كانا لا يقتلان الحرّ بالعبد بين أظهر الصّحابة من غير نكير وللقياس على الأطراف.
قلت يمنع كونها بيانا لذلك ولو سلّم انّها بيان له فعدم وجوب قتل الحرّ بالعبد إنّما ثبت بالأصل لا بالاية ، ولانّ المفهوم منها إمّا مفهوم لقب أو وصف وكلاهما لا حجيّة فيه كما ثبت في الأصول ، ولو سلّم فهو إذا لم يكن غرض سوى اختصاص الحكم كما قاله ويجوز أن يكون الغرض هنا منع العرب من التّفاضل في أحد الجنسين بالنّسبة إلى الآخر كما يعطيه سبب نزول الآية وهو فائدة عظيمة.
وعلى هذا فيكون الغرض من ذكر الحرّ بالحرّ والعبد بالعبد إلى آخره مجرّد نفى تفاضلهم أو الرّد عليهم بان لا يقتلوا الحرّ بالعبد والاثنين بالواحد وهذا المقدار يكفي لإخراج المفهوم عن الحجيّة على تقديرها لأنّه حينئذ يخرج التّخصيص عن اللّغو.
وقد يضعّف المفهوم أيضا باقتضائه عدم قتل الأنثى بالذكر وهو خلاف الإجماع إلّا أن يقال خرج ذلك بدليل وكيف كان فاخبارنا مشحونة بعدم جواز قتل الحرّ بالعبد وإجماعنا منعقد عليه وهو كاف في ثبوت الحكم ، وكما دلّ الإجماع والأخبار على عدم القتل هنا دلّا على القتل في صورة العكس.
ويمكن استفادة هذا من الآية بان يقال : إذا ثبت قتل العبد بالعبد فلأن يقتل بالحرّ أولى وكذا القول في قتل الأنثى بالذكر. ولا يردّ على أولياء المقتول شيئا في