انّه يوجب عليه من القصاص بقتلها مثل ما يجب عليه لو قتل النّاس جميعا ، أو من حيث أنّ كلّ شخص آدم وقته يمكن أن يتولّد منه خلق كثير فمن أهلكه فكأنّه أهلك الجميع كذا قيل.
(وَمَنْ أَحْياها) ومن تسبّب لبقاء حياتها بعفو عن قصاص ومنع عن القتل أو استنقاذ عن بعض أسبابه مثل الحرق والغرق والهدم ونحوها.
(فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) في ترتّب الثّواب لأنّه في اسدائه المعروف إليهم بإحيائه أخاهم المؤمن بمنزلة من أحيا كلّ واحد منهم. والمقصود من ذلك تعظيم قتل النّفس وإحياءها في القلوب ترهيبا عن التّعرض لها وترغيبا في المحاماة عليها لا أنّ المقصود التّشبيه حقيقة ، وهذا الحكم وان كان في شريعة موسى عليهالسلام إلّا أنّ أخبارنا عن أهل العصمة متظافرة به وعليه إجماع الأمّة فهو في شرعنا أيضا.
الثانية :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ) اى فرض أو وجب أو كتب في اللّوح المحفوظ.
(عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) اى المساواة في جناية القتل بينكم بمعنى أنّ القاتل منكم عمدا يفعل به ما يفعل بالمقتول فلا يأبى عن ذلك وليسلم نفسه إلى أولياء المقتول لو أرادوا قتله. ولا خلاف في انّ المراد به قتل العمد لانّه هو الّذي يوجب القصاص دون الخطا وشبه العمد.
(الْحُرُّ بِالْحُرِّ) اى مقتول أو مأخوذ به فهو مبتدأ أو خبر وكذا قوله :
(وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) قيل كان في الجاهليّة بين حيّين من أحياء العرب دماء وكان لأحدهما طول على الأخر وقوّة فأقسموا لنقتلنّ الحرّ منكم بالعبد منّا والذكر بالأنثى منا فلما جاء الإسلام تحاكموا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزلت فأمرهم أن يتساووا ، اى يتساووا في القتل.
ومقتضى الآية اشتراط التماثل في وجوب القصاص فعلى هذا لا يجب قتل الحرّ بالعبد والذّكر بالأنثى كما ذهب إليه أصحابنا الإماميّة وتابعهم على ذلك الشّافعيّة والمالكيّة وجماعة وقد اعترف صاحب الكشّاف مع كونه من الحنفيّة بانّ ذلك ظاهر