شديدا وقال : عمدت الى أهل بيت ذو حسب ونسب تأتيهم بالقبيح؟ ـ فقام قتادة من عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورجع الى عمّه فقال : ليتني متّ ولم أكن كلمت محمّدا فنزلت ، وبلغ أبا طعمة ما نزل فهرب إلى مكة وارتدّ كافرا.
وليس في ذلك شيء سوى انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصم عمّن رآه على ظاهر الايمان وكان في الباطن بخلافه (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ) اى لأجلهم والذب عنهم (خَصِيماً) للبراءة أو المراد بذلك أمّته صلىاللهعليهوآلهوسلم كما قاله في مجمع البيان ، أو المراد لا تبادر بالخصام والدفاع عن أحد الخصمين الّا بعد ان تبيّن وجه الحقّ فيه.
السادسة ـ
(فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) الظاهر من أكثر التّفاسير أنّ الآية نزلت في اليهود الّذين تحاكموا إلى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقيل : انّها في بني قريظة وبنى النّضير لمّا تحاكموا اليه ومقتضى الآية تخيير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن يقوم مقامه من الأئمة حتى العلماء إذا تحاكم إليهم أهل الكتاب بين أن يحكموا بينهم بالعدل الذي هو مقتضى شرع الإسلام وبين أن يعرضوا عنهم ويحيلوهم على شرعهم ان كان في شرعهم حكم ، وعلى هذا أصحابنا الإماميّة ووافقهم الشّافعية.
وأوجب الحنفيّة انّهم إذا احتكموا إلينا حملوا على حكم الإسلام واختاره القاضي في تفسيره قال : لأنّا التزمنا الذب عنهم ودفع الظلم منهم ثم قال : والآية ليست في أهل الذمّة ولا يخفى ما فيه من مخالفة المفسّرين في ذلك لحكمهم بأنّها في أهل الذّمّة ويؤيّده السّابق عليها واللّاحق لها فإنّها بيان لأحوالهم ودفع الظّلم عنهم لا تعين الحكم عليهم فانّ دفع الظّلم واجب سواء التزمنا الذّب أو لا عن المسلم والكافر إذ الظلم قبيح ودفعه مهما أمكن واجب.
وحيث بيّنا أنّ أصحابنا على التّخيير بين الأمرين ورواياتهم عن أئمّتهم متظافرة بذلك اندفع ما ذهب اليه بعضهم من انّها منسوخة بقوله (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ) لانّ ذلك لا ينافي التخيير إذ على تقدير اختيار الحكم بينهم بمقتضى شرعنا يجب