(فَتَبَيَّنُوا) اى تعرّفوا وتفحّصوا وتطلبوا بيان الأمر وانكشاف الحق ولا تعتمدوا قول الفاسق لانّ من لا يتحاشى جنس الفسوق لا يتحاشى الكذب الّذي هو نوع منه.
(أَنْ تُصِيبُوا) كراهة أصابتكم (قَوْماً بِجَهالَةٍ) اى جاهلين بحالهم (فَتُصْبِحُوا) فتصيروا (عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ) مغتمّين غمّا لازما متمنّين انّه لم يقع.
قال البيضاوي : وتعليق الأمر بالتبيين على فسق المخبر يقتضي جواز قبول قول العدل من حيث أنّ المعلّق على شيء بكلمة ان عدم عند عدمه وانّ خبر الواحد لو وجب تبيّنه من حيث هو كذلك لما ترتّب على الفسق إذ التّرتّب يفيد العلّيّة.
ولا يذهب عليك أنّ ما ذكره يقتضي قبول خبر مجهول الحال فلا وجه لتقييد القبول بالعدل والأولى في بيانها انّ الفسق مانع القبول وعدمه شرط فيه فما لم يعلم رفع المانع وتحقّق وجود الشّرط لا يعمل فيخرج خبر المجهول.
وما يقال : انّ الأصل عدم الفسق وظاهر حال المسلم ذلك ومن ثمّ ذهب جماعة الى أنّ المسلم محمول على العدالة ما لم يظهر فسقه مدفوع بأنّه معارض بأصالة عدم فعل الطّاعات والواقع مثله كثير فلا وجه للحمل عليه ويلزم منه عدم الاعتماد فتأمّل.
وفي الآية دلالة على اعتبار العدالة في جميع ما يتعلّق بالأمور الشّرعيّة من الحكم والإفتاء والقدوة في الصّلاة ونحو ذلك ممّا فيه اعتماد على الغير باخباره ومن ثمّ اعتبر أصحابنا في الأجير للعبادة العدالة لا لانّ عبادته غير صحيحة في نفس الأمر بل لعدم قبول قوله في إيقاعها كما يعلم من محلّها.
العاشرة ـ
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) اى دائمين على القيام بالعدل والمراد : لتكن عادتكم القيام بالعدل في القول والفعل.