بعض الأخبار مع انّه معارض بمثله وهو يوجب سلامة ظاهر الآية فيعمل بعمومها.
فلا يقال : يجوز أن تجب الإقامة وان لم يجب على الحاكم قبولها ان عرض عارض يمنع من قبولها كما يجب ردّ شهادة كثير من النّاس وان لم يسقط عنهم إقامتها لأنّا نقول : الردّ انّما يكون لمعارض خارج بخلاف ما نحن فيه. ثمّ أكّد وجوب الإقامة بقوله :
(فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى) يعنى هوى أنفسكم في إقامة الشّهادة فتشهدوا على الغنىّ دون الفقير ملاحظة مصالحكم (أَنْ تَعْدِلُوا) يحتمل كلا من العدل والعدول فكأنّه قيل : لا تتّبعوا الهوى كراهة أن تعدلوا بين النّاس أو إرادة أن تعدلوا عن الحقّ.
(وَإِنْ تَلْوُوا) ألسنتكم عن شهادة الحقّ وتبدّلوها (أَوْ تُعْرِضُوا) عن أدائها وتكتموها وهو المرويّ عن أبى جعفر عليهالسلام وقيل : انّه للحكام اى وإن تلووا في الحكم لأحد الخصمين على الآخر أو تعرضوا عن أحدهما إلى الآخر (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً) فيجازيكم على ما يصدر منكم من الأفعال الّتي نهاكم عنها كالتّحريف والاعراض.
وفيها دلالة على تحريم كتمان الشّهادة وتغييرها عمّا هي عليه. وقد روى ابن عبّاس في معنى قوله (وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا) أنّهما الرّجلان يجلسان بين يدي القاضي فيكون ليّ القاضي وإعراضه لأحدهما ، كذا في مجمع البيان وهو قريب من القول الثّاني.
الحادية عشر :
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) اى كتم شهادة الله الّتي عنده انّه شهد بها وهي شهادته لإبراهيم عليهالسلام بالحنيفيّة والإسلام وأنه ما كان على اليهوديّة والنصرانيّة حيث ادّعوا انّه كان على أحدهما ، والمعنى لا أحد أظلم من هذا حيث انّه كتم شهادة يعلم بها ، ويحتمل أن يتعلّق من الله بكتم اى كتمها من الله