وللوقت الّذي ينتهي به العمر أجل ، قال الله تعالى (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ). والبلوغ الوصول إلى الشيء.
وقد يقال للدنوّ منه على الاتّساع ، وهو المراد هنا ليترتّب عليه قوله : (فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) اى أنتم مخيّرون إمّا في الرّجعة بطريق حسن يحسن معه المعاشرة والاتفاق الحسن وما يتعلّق بذلك من حقوق الزّوجيّة ، وإمّا المفارقة بترك الرّجعة وتخلية سبيلها على وجه حسن جميل لا إضرار فيه.
والمراد تحريم جعلها كالمعلّقة بأن يطلّقها فإذا قرب الفراغ من العدّة راجعها ثمّ يطلّقها يفعل مثل ذلك للإضرار بها حتّى لا تتزوّج ، وانّما قلنا : انّ بلوغ الأجل بمعنى مقاربة بلوغه ، لانّه مع بلوغه وانقضائه على الحقيقة لا يملك الزّوج الخيار بين الرّجعة والمفارقة بل هي تملك نفسها وتبين منه ، ولها أن تتزوّج من شاءت من الرّجال.
(وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) قد اختلف في متعلّق الشّهادة ففي الكشاف (١)
__________________
ـ المقاييس ملخصا ومنقولا بالمعنى ومزيدا فيه بعض ما يوجب رفع الإبهام كالتمثيل بجسم وأجسام وانما نقلنا كلام ابن فارس لئلا يتوهم متوهم عدم اطلاع المصنف على معاني هذه المادة وانما اقتصر على الأول وشرح كيفية الاستعمال.
(١) انظر الكشاف ج ٤ ، ص ٥٥٥ ، وفي قلائد الدرر ج ٣ ، ص ٢٢٩ :
«نعم يمكن على مذهب الإمامية تعلق الاشهاد في الآية بالطلاق والرجعة معا على أن يكون الأول على الوجوب والثاني على الندب حملا للاية على مطلق الرجحان المتلقى بيانه من معدن الوحي» انتهى ما أردنا نقله.
قلت : قد أوضحنا في تعاليقنا على المجلد الأول من آيات الاحكام للاسترآبادى نقلا عن العلامة النائيني وتلقيناه بالقبول من ان الوجوب ليس أمرا شرعيا بل أمر عقلي من جهة حكم العقل بإطاعة الأمر ، والعقل انما يلزم العبد بالانبعاث ما لم يصرح المولى بالترخيص والاذن وليس استعماله في موارد الندب ، مغايرا لاستعماله في موارد الوجوب بل يأذن الشارع ويرخص الترك في موارد الندب. ـ