في محلّه.
ومقتضى ما ذكرناه كون الاشهاد شرطا في الطّلاق وعدم صحّته بدونه وعلى ذلك إجماعهم وتظافرت به اخبارهم عن الأئمّة صلوات الله عليهم ، والمراد بوجوب الإشهاد إيقاع المشهود به على وجه يعلم الشّاهد ذلك بأن يوقعه بحضور الشّاهدين دفعة ، لا بان يخبر به ، أو يشهد عليه بأنّه سيفعل ذلك ولا متفرّقا كلّ شاهد في وقت وقد انعقد إجماعهم على ذلك أيضا وفي أخبارهم دلالة عليه.
(وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ) أمر للشهود بإقامة الشهادة عند الاستشهاد لوجه الله لا لغرض آخر كرضا المشهود له ومحبّته له أو عداوته للمشهود عليه ، أو توقّع جعل على إقامتها ونحو ذلك من الأمور الموجبة لإقامتها وبالجملة يجب أن يكون المقصود منها وجه الله واقامة الحقّ ودفع الظّلم كما نبّه عليه قوله تعالى في موضع آخر (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ).
ويستفاد منها الحثّ على الصّدق في الشّهادة حيث انّها لله ، فلا وجه للكذب فيها أو الإيقاع على غير ما هي عليه ، وعلي كلّ تقدير فلو كان الشّاهد صادقا وأوقع الشّهادة لا لله بل لغرض آخر صحّ وترتّب الأثر عليها في إثبات حقّ المشهود له وبقي حقّ الله من حيث مخالفة الأمر متعلّقا بالشّاهد.
(ذلِكُمْ) يريد به الحثّ على الاشهاد والإقامة أو جميع ما في الآية.
(يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يتّعظ وينتفع به المؤمن فإنّه المقصود لذكر الأحكام دون من عداه ولا يخفى ما فيه من المبالغة والاشعار بانّ من لا يتّعظ بذلك فليس بمؤمن.
(وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ) جملة اعتراضية مؤكّدة لما سبق من الأحكام بالوعد على الاتّقاء عمّا نهى عنه صريحا أو ضمنا من الطّلاق في الحيض والإضرار بالمعتدّة وإخراجها من المسكن وتعدّى حدود الله وعدم الاشهاد في الطّلاق وكتمان الشّهادة ، والمراد انّه تعالى يجعل له مخرجا ممّا في شأن الأزواج من المضايق والغموم ويرزقه فرجا وخلفا من وجه لم يخطر بباله ولا يحتسبه.