الأمة تطليقتان وعدّتها حيضتان ، ولانّ الغرض الأصلي في العدّة استبراء الرّحم والحيض هو الّذي يستبرء به الرّحم دون الطّهر ، وكذا كان من الأمة الاستبراء بالحيضة وحمل قوله (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) على انّ المراد مستقبلات لعدتهنّ كقولك : لقيته لثلاث بقين من الشّهر يريد مستقبلا لثلاث [وعدّتهنّ الحيض الثّالث].
وفي الدّلالة نظر امّا كون القرء بمعنى الحيض فلا ننكره وكونه بمعنى الطّهر في غير هذا الحديث كثير لا يرتاب فيه ، لكنّ الكلام في انّه المراد من الآية ، مع أنّه يمكن أن يقال : الآية دلّت على أنّها إذا اعتدت بثلاثة أشياء تسمّى أقراء خرجت من العهدة فيكون متمكّنة من الاعتداد بالأطهار الّتي عدّتها أقلّ ومن الاعتداد بالحيضة الّتي عدّتها أكثر ، وحينئذ فيكون القدر الزائد على عدّة الأطهار غير واجب.
وحديث تطليق الأمة (١) لا نسلّم صحّته ، ولانّه لا يقاوم ما رويتم عن مسلم و
__________________
ـ وابن ماجه والحاكم من رواية مظاهر بن أسلم ، عن القاسم عن عائشة بهذا» ومظاهر ضعيف ورواه ابن ماجه والدار قطني من رواية عطية عن ابن عمر ، وفيه عمر بن شبيب وهو ضعيف وقال ابن حزم في ج ١٠ ، ص ٣١٧ من المحلى : «قال أبو محمد : هذان خبران ساقطان لا يجوز الاحتجاج بهما لان مظاهر بن مسلم ضعيف وكذا عمر بن شبيب وعطية ضعيفان لا يحتج بهما ولو صح أحدهما أو كلاهما لما خالفناه». انتهى
(١) كما قد عرفت من بيان ابن حجر وكذا ابن حزم ، الا انه يوجد مضمونه في اخبار الشيعة أيضا انظر الوسائل الباب ٤٠ من أبواب العدد وهو في طبعه الأميري ج ٣ ، ص ١٧٦ : وطبعة الإسلامية ج ١٥ ، من ص ٤٦٩ ـ ٤٧١ وفي كتاب النكاح الباب ١٢ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد ، وهو في طبعه الأميري ج ٣ ، ص ٦٨ وفي طبعه الإسلامية ج ١٤. ص ٤٠٩ ، وانظر أيضا مستدرك الوسائل ج ٣ ، ص ٢٣ ونقل في الجواهر العمل بها في ص ٣٣٩ كتاب الطلاق طبعة حاج محمد حسين الكاشاني سنة ١٣١٢ ه ق عن الإسكافي والعماني على ما نقل عنهما.
ثم قال : وتبعهما بعض متأخري المتأخرين كسيِّد المدارك وصاحبي الكفاية والحدائق بل كأنه مال اليه صاحب الرياض ، واختار صاحب الجواهر نفسه قول المشهور من كون القرئين في الآية أيضا الطهرين واستحسن ما وجه به تلك الاخبار صاحب الوسائل من حملها على التقية أو إرادة دخول الحيضة الثانية ليتم الطهران أو الاستحباب أو عدم جواز التمكين للزوج الثاني في الحيض الثاني.