ورمى عبدُاللهّ بن عُقْبةَ الغَنويّ أبا بكر بن الحسنِ بنِ عليِّ بن أبي طالبٍ عليهمالسلام فقتلَه.
فلمّا رأى العبّاسُ بنُ عليٍّ رحمة اللّهِ عليه كثرةَ القتلى في أهلِه قالَ لإخوته (١) من أُمِّه ـ وهم عبدُاللهِّ وجعفر وعُثمانُ ـ يا بَني أُمِّي ، تقدّموا حتّى أراكم قد نصحتم للهِّ ولرسولهِ ، فإِنّه لا ولدَ لكم. فتقدّمَ عبدُاللّهِ فقاتلَ قتالاً شديداً ، فاختلفَ هو وهانئ بنُ ثُبَيتٍ الحَضْرميّ ضربتينِ فقتلَه هانئ لعنَه اللّهُ. وتقدّمَ بعدَه جعفرً بنُ عليٍّ رحمهالله فقتلَه أيضاً هانئ. وتعمّدَ خوليُّ بنُ يزيدَ الأصبحيّ عثمانَ بنَ عليِّ رضيَ اللهُّ عنه وقد قامَ مقامَ إِخوته فرماه بسهمٍ فصرعَه ، وشدَّ عليه رَجلٌ من بني دارم فاحتزَّ رأسَه.
وحملتِ الجماعة على الحسينِ عليهالسلام فغلبوه على عسكرِه ، واشتدَّ به العطشُ ، فركبَ المُسنّاةَ (٢) يريدُ الفراتَ وبينَ يديه العبّاسُ أخوه ، فاعترضتْه خيل ابنِ سعدٍ وفيهم رجلٌ من بني دارم فقالَ لهم : ويلَكم حُولُوا بينَه وبينَ الفراتِ ولا تمكَّنوه منَ الماءِ ، فقالَ الحسينُ عليهالسلام : «اللّهمّ أظْمِئْه» فغَضِبَ الدّارميّ ورماه بسهمٍ فأثبتَه في حَنَكهِ ، فانتزعَ الحسينُ عليهالسلام السّهمَ وبسطَ يدَه تحتَ حَنَكهِ فامتلأتْ راحتاه بالدَّم ، فرمى به ثمّ قالَ : «اللّهمَّ إِنِّي أشكو إِليكَ ما يُفعلُ بابنِ بنتِ نبيِّك» ثمّ رجعَ إِلى مكانهِ وقدِ اشتدَّ به العطشُ. وأحاطَ القومُ بالعبّاسِ فاقتطعوه عنه ، فجعلَ يُقاتلُهم وحدَه حتّى قُتِلَ
__________________
(١) في «ش» : لاخوانه ، وصحَح في الهامش بـ : إِخوته.
(٢) المسناة : تراب عالٍ يحجز بين النهر والأرض الزراعية. «تاج العروس ـ سني ـ ١٠ : ١٨٥ ».