فقالَ أَبوجعفرٍ : جًرُّوا برِجلِه ، فأَخْرِجوه لعنَه اللهُ.
قالَ الرّبيعُ : وكنت رأَيتَ جعفرَ بنَ محمّدٍ عليهماالسلام حينَ دخلَ على المنصور يحرِّكُ شَفَتَيْه ، فكلَّما حرّكَهما سكنَ غضبُ المنصور ، حتّى أَدناه منه وقد رضيَ عنه. فلمّا خرجَ أبو عبدِاللهِ عليهالسلام من عندِ أَبي جعفرٍ اتّبعتهُ فقلتُ : إنّ هذا الرّجلَ كان من أَشدِّ النّاس غضباً عليك ، فلمّا دخلتَ عليه دخلتَ وأَنتَ تُحرِّكُ شَفَتَيْكَ ، وكلَما حرّكْتَهما سكنَ غضبهُ ، فبأَيَ. شيءٍ كنتَ تحرِّكُهما؟ قالَ : «بدعاءِ جدِّي الحسينِ بنِ عليٍّ عليهماالسلام » قلتُ : جُعلت فداكَ ، وما هذا الدُّعاءُ؟ قالَ : «يا عُدّتي (عندَ شدّتي ) (١) ، ويا غَوْثي عندَ كُربتي ، احْرُسْني بعينِكَ الّتي لا تَنامُ ، واكنُفْني برُكنِكَ الّذي لا يُرامُ ».
قالَ الرّبيع : فحفظتُ هذا الدُّعاءَ ، فما نزلتْ بي شِدّةٌ قطُّ إِلا دعوتُ به ففُرِّجَ عنِّي.
قالَ : وقلتُ لجعفرِ بنِ محمّدٍ : لِمَ مَنَعْتَ السّاعيَ أَن يَحلفَ باللهِّ؟ قالَ : «كَرِهتُ أَنْ يَراهُ اللهّ يُوَحِّدهُ ويُمجِّدهُ فيَحلُم عنه ويُؤَخِّرَ عقوبتَه ، فاستحلفتهُ بما سمعتَ فأَخذَه اللهُ أخذةً رابية » (٢).
وروي أَنّ داوُدَ بنَ عليِّ بنِ عبدِاللهِ بن عبّاسٍ قَتلَ المُعلّى بن خُنَيْسٍ ـ مولى جعفرِ بنِ محمّدٍ عليهماالسلام ـ وأَخَذَ مالَه ، فدخلَ عليه جعفرٌ وهو
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : في شدّتي.
(٢) رواه ابن الصباغ في الفصول المهمة : ٢٢٥ ، باختلاف يسير ، واشار الى الواقعة باختصار سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ٣٠٩ ، والكنجي الشافعي في كفاية الطالب : ٤٥٥ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٧ : ١٧٤ / ٢١.