يَجُرُّ رداءه فقالَ له : «قتلتَ مولاي وأَخذتَ مالي ، أَما علمتَ أَنّ الرّجلَ يَنامُ على الثُّكلِ ولا يَنامُ على الحَرب ، أَما واللهِ لأدْعُوَنَّ الله عليكَ » فقالَ له داوُدُ : أَتَتَهدّدُنا (١) بدعائكَ؟ كالمستهَزئ بقولهِ. فرجعَ أَبو عبدِاللهِ عليهالسلام إلى دارِه ، فلم يَزلْ ليلَه كلَّه قائماً وقاعداً ، حتّى إِذا كانَ السّحرُ سُمعَ وهو يقولُ في مُناجاتِه : «ياِذا القوة القوية ، وياِذا المحال الشّديدِ ، وياذا العزّةِ الّتي كلُّ خلقِكَ لها ذليلٌ ، اكْفِني هذا الطّاغيةَ وانتقِمْ لي منه » فما كانَ إِلا ساعة حتّى ارتفعتِ الأصواتُ بالصِّياحِ وقيلَ : قد ماتَ داوُدُ ابنُ عليٍّ السّاعةَ (٢).
وروى أَبو بصير قالَ : دخلتُ المدينةَ وكانتْ معي جويرية لي فأَصبت منها ، ثمّ خرجتُ إِلى الحمّام فلقيتُ أَصحابَنا الشِّيعةَ وهم متوجِّهونَ إِلى جعفرِ ابنُ محمّدٍ عليهماالسلام فخِفتُ أَن يَسبقوني ويفوتَني الدُّخولُ إِليه ، فمشيتُ معَهم حتّى دخلتُ الدّارَ ، فلمّا مثلتُ بينَ يَدَيْ أَبي عبدِاللهِّ عليهالسلام نظرَ إِليَّ ثمّ قالَ : «يا أَبا بصيرٍ ، أَما علمتَ أَنّ بيوتَ الأنبياءِ وأَولاد الأنبياءِ لا يَدخلُهُا الجُنُبُ » فاستحيَيْتُ وقلتُ له : يا ابنَ رسولِ اللهِّ ، إِنِّيَ لقيتُ أَصحابَنا فخشيتُ أَن يفوتَني الدُّخولُ معَهم ، ولن أَعودَ إِلى مثلِها ؛ وخرجتُ (٣).
وجاءَتِ الرِّوايةُ عنه مُستفيضةً بمثلِ ما ذكرْناه منَ الآياتِ والإخبارِ بالغُيوب ممّا يطولُ تعدادُه.
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : أتُهدّدنا.
(٢) رواه مختصراً ابن الصباغ في الفصول المهمة : ٢٢٦ ، وأشار الى نحوه الكليني في الكافي ٢ : ٣٧٢ / ٥ ، وابن شهراشوب في المناقب ٤ : ٢٣٠ ، والراوندي في الخرائج ٢ : ٦١١ / ٧.
(٣) روى نحوه الصفار في بصائره : ٢٦١ / ٢٣ ، والطبري في دلائل الامامة : ١٣٧ ، وابن شهرآشوب في مناقبه ٤ : ٢٢٦.