فقلتُ للأحولِ : تَنَحَّ فإِنِّي خائفٌ على نفسي وعليكَ ، وانّما يُريدُني ليس يُريدُكَ ، فتَنَحَّ عنِّي لا تَهْلكْ فتُعِينَ على نفسِكَ؛ فتنحّى عنَي بعيداً.
وتَبعتُ الشّيخَ ، وذلكَ أَنِّي ظننتُ أَنِّي لا أقدرُ على التّخلُّصِ منه ، فما زلتُ أَتبعهُ ـ وقد عُرِضْتُ على الموتِ ـ حتّى وَردَ بي على بابِ أبي الحسنِ موسى عليهالسلام ثمّ خلاني ومضى ، فإِذا خادمٌ بالبابِ فقالَ لي : ادْخُلْ رحمَكَ اللهُّ.
فدخلتُ فإِذا أَبو الحسنِ موسى عليهالسلام فقالَ لي ابتداءً منه : « إِليَّ إِليَّ ، لا إِلى المُرجئةِ ، ولا إِلى القَدَرِيّةِ ، ولا إِلى المُعتزِلةِ ، ولا إِلى الخوارجِ ، ولا إلى الزّيديّةِ » قلتَ : جعِلْتُ فداكَ ، مضى أَبوكَ؟ قالَ : «نعم » قلتُ : مضى موتاً؟ قالَ : «نعم» قلتُ : فَمنْ لنا من بعدِه؟ قالَ : «إِن شاءَ اللهُّ أن يَهديَكَ هداكَ » قلتُ : جُعِلْتُ فداكَ ، إِنّ عبدَاللهِّ أَخاكَ يَزعمُ أَنّه الإمامُ بعدَ أَبيه ؛ فقالَ : « عبدُاللهِ يرُيدُ أَلا يُعْبَدَ اللهُ » قالَ : قلت : جُعِلْتُ فدِاكَ ، فمَنْ لنا بعدَه؟ فقالَ : «إِن شاءَ اللهُ أَن يَهديَكَ هداكَ » قالَ : قلتُ : جُعِلْتُ فداكَ ، فأَنتَ هو؟ قالَ : «لا أَقولُ ذلكَ ».
قال : فقلتُ : في نفسي : لم أُصِبْ طريقَ المسألةِ ؛ ثمّ قلتُ له : جُعلتُ فداكَ ، عليكَ إِمامٌ؟ قالَ : «لا» قالَ : فدخلَني شيءٌ لا يَعلمهُ إلا اللهُّ إعظاماً له وهيبةً ، ثمّ قلتُ : جُعلتُ فداكَ ، أَسأَلُكَ كما كُنتُ أَسأَلُ أَباكَ؟ قالَ : «سَلْ تُخْبَرْ ولا تُذعْ ، فإِنْ أذعتَ فهو الذّبحُ » قالَ : فسأَلته فإِذا هو بحرٌ لا يُنْزَفُ ، قلتُ : جعلتُ فداكَ ، شيعةُ أَبيكَ ضلالٌ ، فأُلقي إِليهم هذا الأَمرَ وأَدعوهم إِليكَ؟ فقد أَخذتَ عليَّ الكتمانَ ؛ قالَ : «من آنستَ منهم رُشداً فأَلقِ إِليه وخُذْ عليه بالكتمانِ ، فإِن أَذاعَ فهو الذّبحُ »