وأشارَ بيدِه إِلى حلقِه.
قالَ : فخرجتُ من عندِه ولقيتُ أَبا جعفرٍ الأحْوَلَ ، فقالَ لي : ما وراءَكَ؟ قلتُ : الهُدى؛ وحدّثْتهُ بالقِصّةِ. قالَ : ثمّ لقيْنا زُرارَةَ (١) وأَبا بصيرٍ فدَخلا عليه وسَمِعا كلامَه وساءلاه وقَطَعا عليه ، ثمّ لقيْنا النّاسَ أَفواجاً ، فكلُّ من دخلَ عليه قَطَعَ عليه ، إلا طائفَةَ عمّارٍ السّاباطيِّ ، وبقيَ عبدُاللهِّ لا يَدخلُ إِليه منَ النّاسِ إِلا القليلُ (٢).
أَخبرَني أَبو القاسمِ جعفرُ بنُ محمّدِ بنِ قولويهِ ، عن محمّدِ بنِ يعقوبَ ، عن عليِّ بنِ إِبراهيمَ ، عن أَبيه ، عنِ الرّافعيِّ قالَ : كانَ لي ابنُ عمٍّ يقالً له الحسنُ بنُ عبدِاللهِ ، وكانَ زاهداً وكانَ من أَعبدِ أَهلِ زمانِه ، وكانَ يتّقيه السُّلطانُ لجدِّه في الدِّين واجتهادِه ، وربمّا استقبلَ السُّلطانَ في الأمرِ بالمعروفِ والنّهيَِ عنِ المنكَرِ بما يغضِبُه ، فكان يَحْتَمِلُ ذلكَ له لِصَلاحِه ، فلم تَزَلْ هذه حاله حتّى دخلَ يوماً المسجدَ وفيه أبو الحسن موسى عليهالسلام فأومأ إِليه فأَتاه ، فقالَ له : «يا أَبا عليٍّ ، ما أَحبَّ إِليَ ما أَنتَ فيه وأَسرَّني به! إلا أَنّه ليستْ لكَ معرفةٌ ، فاطْلُب المعرفةَ» فقالَ له : جُعلتُ فداكَ ، وما المعرفةُ؟ قالَ : «اذهَبْ تفقَّهْ ، واطْلُب الحديثَ » قالَ : عمّن؟ قالَ : «عن فقهاءِ أَهلِ المدينةِ ، ثمَّ اعرِضْ عليَّ الَحديثَ ».
قالَ : فذهبَ فكتبَ ثمّ جاءَ فقرأه عليه فأسقطَه كلَّه ، ثمّ قالَ له :
__________________
(١) في هامش البحار المطبوع قديماً نقلاً عن العلامة المجلسي رحمهالله : «ذكر زرارة هنا غريب ، إذ غيبته في هذا الوقت عن المدينة معروفة ، والظاهر مكانه مفضل [بن عمر] كما مر[من الكشي] او الفضيل كما في الكافي.
(٢) الكافي ١ : ٢٥٨ / ٧ ، رجال الكشي ٢ : ٥٦٥ / ٥٠٢ ، وذكره مختصراً الصفار في البصائر: ٢٧٠ / ١ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٧ : ٣٤٣ / ٣٥.