«اذهَبْ فَاعْرِفْ » وكانَ الرّجلُ مَعْنِيّاً بدينهِ ، قالَ : فلم يَزَلْ يَترصّدُ أَبا الحسنِ حتّى خرجَ إِلى ضيعتن له ، فلقيه في الطّريقِ فقالَ له : جُعلت فداكَ إِنِّي أحتجُ عليكَ بينَ يَدَي اللهِّ ، فدلّني على ما تَجبُ عليِّ معرفتهُ ؛ قالَ : فاَخبرهَ أَبو الحسنِ عليهالسلام بأَمرِأَميرِ المؤمنينَ عليهالسلام وحقَّه وما يجبُ له ، وأَمرِ الحسنِ والحسينِ وعليِّ بنِ الحسينِ ومحمّدِ بنِ عليّ وجَعفرِ بنِ محمّد عليهمالسلام ثمّ سكتَ. فقال له : جُعلتُ فداك ، فمَن الأمامُ اليومَ؟ قالَ : «إنْ أَخبرتُكَ تَقبلْ؟» قال : نعم ، قال : «أَنا هو» قال : فشيءٌ أَستدلُّ بهِ؟ قال : «اذْهَب إلى تلكَ الشجرةِ ـ واشارَإِلى بعضِ شجرِأُمِّ غَيْلانَ (١) ـ فقل لها : يقولُ لك : موسى بن جعفر: اقبلي » قال : فأتيتُها فرأيتُها والله تَخدّ (٢) الأرضَ خَدّاً حتى وَقَفَتْ بينَ يَديهِ ، ثم أَشارَ إَليها بالرجوعِ فَرَجَعَتْ. قال : فاَقرَّبهِ ، ثم لَزِمَ الصَّمْتَ والعِبادةَ ، فكان لا يَراهُ أَحد يَتكلّم بعدَ ذلكَ (٣).
وروى أحمدُ بن مِهران ، عن محمدِ بن عليّ ، عن أَبي بصيرٍ ، قالَ : قلتُ لأبي الحسنِ موسى بنِ جعفرٍ : جُعِلْتُ فدِاكَ ، بمَ يُعْرَف الإِمام؟ قال : «بخصالً :
أَمّا أَوّلُهُنَ فإِنّه بشيءٍ قدَ تَقدّمَ فيه من أَبيه ، واِشارَتُه إِليه ، ليكونَ حُجّةً ، ويُسأَلُ فَيُجيبُ ، واِذا سُكِتَ عنهُ آبتدَأ ، ويُخْبرُ بما في غَدٍ ، ويكلّمُ الناسَ بكلِّ لِسان ». ثم قال : «يا أَبا محمدٍ ، أُعطَيكَ عَلامة قبلَ أن
__________________
(١) أُمً غيلان : من الأشجار المعروفة عند العرب ، وتسمّى أيضاً السمرة ، أُنظر. « الصحاح ـ غيل ـ٥ : ١٧٨٨».
(٢) تخدّ الأرض : تشقّها. « الصحاح ـ خدد ـ ٢ : ٤٦٨ ».
(٣) الكافي ١ : ٢٨٦ / ٨ ، بصائر الدرجات : ٢٧٤ / ٦ ، ونقله العلآمة المجلسي في البحار: ٤٨ : ٥٣ / ٤٩.